[بحث حول القدرة ومتعلقاتها]
  فالجواب: أن هذا لا يتعلق بهذه المسألة لأن الله تعالى قادر على خلق مثل السماوات والأرض؛ لأنها من جملة مقدوراته، وهو سبحانه وتعالى قادر لذاته، فلا يحصر مقدوره في الجنس ولا في العدد، والعبد قادر على جنس مقدور نفسه أيضاً؛ فأين موضع التنبيه للفقيه على مراده؟
  وأما قوله: «وهذا مما لا جواب عنه» - فذلك ظن الفقيه، وكم أخطأ في ظنه.
  وأما قوله: «دليل آخر وهو مما لا خلاف فيه بيننا أن المحال في معنى المحال، والجائز في معنى الجائز».
  فنقول: لا يخلو كسب العبد وحركاته وسائر تصرفاته من أن يكون الباري سبحانه قادراً على ذلك أو غير قادر عليه، فإن كان قادراً على نفس تصرف العبد؛ فقد صح ما قلناه، وبطل قول مخالفنا: إنه لا يجوز أن يكون المقدور الواحد لقادرين على وجهين مختلفين ولا على وجهين متفقين(١).
  وإن كان غير قادر عليه، واستحال أن يقدر على مقدور العبد وجب استحالة كونه قادراً على ما في معناه من الحركات الضرورية؛ لأن حدوث إحدى الحركتين وجواز تعلق القدرة بها في معنى الحركة الأخرى؛ لأن تقدم قدرة هذا العبد ومقارنتها للحركة لا تأثير لها في تغيير نفس الحركة عما هي عليه في نفسها من الصفات، فلو كان الباري غير قادر على إحداث الحركة لوجب أن لا يكون قادراً على مثل تلك الحركة بحال.
  ولما اتفقنا على أن الله سبحانه قادر على مثل الحركات التي هي مقدورة لنا، ثبت أنه قادر عليها أيضاً.
(١) قال رضوان الله عليه في التعليق: كأن المراد بمختلفين: المقدور بين الله وبين العبد، فهو مقدور لله من حيث الإحداث وللعبد من حيث الكسب؛ بناءً على أصل الفقيه من أن الكسب غير الإحداث، وبمتفقين: المقدور بين قادرين من العبيد من حيث الكسب فقط على قول الفقيه. تمت.