كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول القدرة ومتعلقاتها]

صفحة 539 - الجزء 2

  تعلقت متى وجدت بجنسه فلا يخرج المقدور الأول قبل خلق قدرة العبد عن كونه مقدوراً لله تعالى، ولا نقول بصحة مقدور لقادرين، وإنما أداه إلى هذا المحال القول بأن قدرة العبد المحدثة تعلقت بعد وجودها بما كان سبحانه قادراً عليه، وهذا هو أصل الغلط في المسألة، ولا نحتاج إلى قوله في المثل: أدخلني أخرجك.

  وأما قوله: «وكذلك سائر مقدورات العباد» - فلم نسلم له هذا الإطلاق لما يؤدي إليه من المحال، على أنا لو سلمنا له تعلق قدرة العبد بعين ما كان الله تعالى قادراً عليه قبل خلق القدرة، فإنا نمنع أن يفعل الباري تعالى ذلك المقدور الذي تعلقت به قدرة العبد لوجهين:

  أحدهما: لعلمه تعالى بأن ذلك يستحيل؛ لما فيه من تقدير الوجود والعدم فيصرفه ذلك عن إيجاده⁣(⁣١).


= قادراً على مقدور الجسم ومقدوره مع الإطلاق، ويكون هذا مثل ما ذكر في الضدين من أن [كلاً] منهما مقدور [في الأصل: (كل منهما مقدوراً) والصواب ما أثبتناه، ولعله سهو من الكاتب] على سبيل البدل لا مع الاجتماع.

ألا ترى أنه لو تحرك الجسم؛ ففي حال تحركه لا يصح تعلق قدرة الباري ولا الجسم بتسكينه حال تحريكه، فكما لا يصح أن يقال: إن الجسم قد منع خالقه من تسكينه لما أقدره على أن يحرك نفسه أو خلق الحركة فيه، ولا معنى فيه للمَثَل: (أَدْخِلْنِي أُخْرِجْكْ) - كذلك ما نحن فيه، فتأمل (وفقك الله وإيَّانا والمؤمنين). تمت.

(١) قال ¦ في التعليق: يعني فلا يكون متعلقاً للقدرة، وكون الله قادراً عليه قبل الخلق فليس إلاَّ مع الإطلاق، وأمَّا بتقدير تعلق قدرة العبد به فلا تعلق لقدرته تعالى به، بل يكشف صحة وجوده من الجسم أنه لم يكن مقدوراً من قَبْلُ للخالق بعينه؛ من حيث إنه مؤدٍ إلى التمانِّع، والتمانع وإيجاد الموجود محال، كالجمع بين المقدورين المتضادين، ومن تَبَيَّن حقيقة القادر عَرَفَ أن متعلق القدرة لا يكون بين قادرين على أي وجه، فكيف يقول الفقيه: لا خلاف، وإنما يحكى عن أبي الهذيل ومحمد بن شبيب وأبي يعقوب مع أنهم يخالفون الأشاعرة ويقولون: إذا فعله العبد اتصف به دون الله تعالى. وقد أجاب عنهم العدليَّة. فقوله [أي الفقيه]: «لا خلاف» مجازفة. تمت.