[كلام الفقيه في أن الله يأمر بما لا يريد]
  وتجمله بأهل البيت $ وإضافته إليهم ما اعتقده من الزيغ والضلال، لا يسلم ولا يصدق عليهم فيما قال: وسنكشف ما لبس فيه ودلّس وما أخلد إليه من الزيغ والمحال، فنقول:
  أما قوله [أي القرشي]: فإن هذا كله راجع إلى الإرادة وإرادة القبيح قبيحة، وهو تعالى لا يفعل القبيح، وتحقيقه: أن هذا الدليل مبني على ثلاثة أصول: أحدها: أن معنى هذه الألفاظ واحد، والثاني: أن إرادة القبيح قبيحة، والثالث: أن الله تعالى لا يفعل القبيح.
  [قال الفقيه] فقد دللنا على أن القبيح غير متصور في حق الله تعالى، وأن الحسن والقبيح ما وافق الغرض أو خالفه، وليس لله تعالى غرض في الحسن أو القبيح حتى يكون موافقاً لغرضه أو مخالفاً له ولا فوقه آمر ولا ناهي يقبح عليه أفعاله.
  وأما قوله [أي القرشي]: فالذي يدل على الأول أنه لا يجوز أن يقول قائل أريد أن تدخل داري ولا أحب ذلك ولا أرضاه.
  [قال الفقيه: ] فهذا من قياسهم الشاهد على الغائب، ومن هذا ضلوا وشبهوا الله تعالى بخلقه، وقد قلنا أين الرابطة التي جمعت بين الله تعالى وبين خلقه؟ ولو جاز أن تقاس أفعال الله تعالى على أفعال خلقه لجاز أن تقاس ذاته على ذات خلقه؛ لأن الأفعال صفات الذات، فمتى رام المخالف أن يسوي بين الخالق والمخلوق في مقايسة حسن الأفعال وقبحها، ألزمناه استحالة تساويهما في الذات، فمن حيث جوز الاجتماع والتساوي وجب الاختلاف، ولا محيص عن ذلك.
[كلام الفقيه في أن الله يأمر بما لا يريد]
  وقد ورد القرآن بأن الله تعالى أمر بما لا يريد، واتفق عليه سلف الأمة، وذلك أن الله سبحانه أمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بذبح ابنه ولم يرد ذلك منه، بل نهاه عنه بعد أمره به، وفداه بما أمره بفعله من ذبحه، ولو كان قد فعل لم يكن لفدائه معنى، ولو كان إنما أمره بالإضجاع وإمرار السكين فقط دون الذبح لم