كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام # على الفقيه وتوضيح قياس الشاهد على الغائب وغير ذلك]

صفحة 550 - الجزء 2

  يكن ذلك امتحاناً، ولم يكن لقوله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ١٠٦}⁣[الصافات]، معنى، ولا كان لفدائه من إضجاع قد وقع معنى، وكذلك لو ذبحه ثم التحم لم يكن للفداء معنى ولا لبلائه معنى أيضاً، وكذلك لو كان قد منعه من ذبحه بقلب صفحة عنقه نحاساً على ما يقوله بعض جهالهم لكان عندهم بذلك مكلفاً بالفعل مع العجز عنه والمنع منه، وذلك باطل عندهم.

  وكذلك أن الله تعالى أمر نبيه ÷ ليلة المعراج بخمسين صلاة، وفرض ذلك على أمته ثم ردهم على خمس، فلو أراد وجود ذلك لما حطه ورده إلى ما ذكرنا، بل قد يوجد في الشاهد أن الحكيم يأمر بما لا يريد، فلو أن رجلاً شكا عصيان عبده إلى بعض الملوك وأنه لا يطيعه فيما أمره به ثم أراد منه الملك إحضاره له ليعلم صدقه من كذبه، فلما أحضره أمره بأمر ولم يطعه، ولا يخفى أنه ليس بمقصوده به امتثال أمره؛ لأن ذلك يؤدي إلى تكذيبه نفسه فيما أخبر به الملك فإنما مقصوده إظهار خلافه وتصديقه في قوله، ولا يكون بذلك سفيهاً ولا فعله مناقضاً للحكمة فكذلك هذا مثله.

[جواب الإمام # على الفقيه وتوضيح قياس الشاهد على الغائب وغير ذلك]

  فالجواب: أنا نقول: الله أكبر، وقع الفقيه فيما أنكر، وهكذا يكون حالة من بنى على غير أساس، وانقاد لخواطر الوسواس، بينا هو ينكر الاستدلال بالشاهد على الغائب إذ قد ورد فيه وتكلم بملء فِيه فقال: «لو أن رجلاً شكا عبده ..».

  وأما قوله عند اعتراضه على الأصل الأول في أن معنى الإرادة والمحبة والرضا واحد بقوله: «من قياسهم الشاهد على الغائب ومن هذا ضلوا وشبهوا الله بخلقه، وقد قلنا أين الرابطة التي جمعت بينه وبين خلقه؟».

  فالجواب: أن الاستدلال بالشاهد على الغائب أحد الأدلة الصحيحة إذا وقع على وجهه، وأما إذا وقع على الوجوه الفاسدة فإنه يكون باطلاً، والوجوه الصحيحة من ذلك أربعة قد فصلناها قبل هذه المسائل: