[جواب الإمام # على الفقيه وتوضيح قياس الشاهد على الغائب وغير ذلك]
  يكسره وقال: واكسر الإناء فإنا نعلم أن الصيغة الأولى، وهي قوله ناولني أمر، والصيغة الأخرى وهي اكسر الإناء تهديد، وهي في معنى النهي، ولا فرق بينهما إلا أن الصيغة الأولى أوردها وهو مريد لما تعلقت به من مناولة الكتاب، والثانية وردت وهو كاره لما تناولته من كسر الإناء، وهكذا لو قال محمد رسول الله لم يعلم أنه يريد محمد بن عبدالله ÷ دون غيره من المحمدين إلا بإرادة(١) الإخبار عنه دون من شاركه في الاسم، فثبت أن الأفعال تقع على الوجوه ولا يفرق بينها إلا الإرادة لبعضها دون بعض، وكذلك فإن السجدتين تتفقان في الصورة، وتكون إحداهما طاعة بأن يريد بها السجود لله تعالى وطاعته، والأخرى معصية بأن يريد السجود للصنم أو الريا للمخلوقين.
  فإذا ثبت هذا وقد وقعت أفعال الله تعالى على وجوه مختلفة نحو جعل بعض المضار من قبله تعالى امتحاناً، وبعضها عقوبة وانتقاماً، وجب أن يكون تعالى مريداً لوقوعها على الوجوه المختلفة كما في الشاهد، للاشتراك فيما يجري مجرى العلة، وهو حصول الأفعال على الوجوه المختلفة مع اتفاقها في الصور، وكذلك في الكلام فإن قوله تعالى: {أقيموا الصلاة}، وقوله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}[الجمعة: ١٠]، وقوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢]، وقوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}[الإسراء: ٦٤]، وقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠]، فإن صيغة (افعل) في الجميع على سواء، وهي في الصلاة أمر لمقارنة الإرادة للأداء، وفي
(١) قال رضوان الله عليه في التعليق: أي إلاَّ بقرينة تدل عليه أنه يريد محمد بن عبدالله، لأن الإرادة نفسها غير مُطَّلَع عليها كما هو واضح، ولولا القرينة على إرادة ذلك لم ينصرف الخبر إليه ÷ من بين سائر المحمدين، إذ لفظ الخبر صالح عن كل محمد. تمت.
والأولى أن يقال: لو قال: محمد رسول الله ÷، لم ينصرف الخبر إلى كونه خبراً عن محمد بن عبدالله، لصلوحه خبراً عن كل من اسمه محمد - إلا بإرادة الإخبار عن محمد بن عبدالله من دون نظر إلى العلم وعدمه. تمت.