[جواب الإمام # على الفقيه وتوضيح قياس الشاهد على الغائب وغير ذلك]
  الوجوه الرابطة بينهما دون ما اعتمد عليه على الوجه الفاسد.
  وأما قوله: «ولو جاز أن تقاس أفعال الله على أفعال خلقه لجاز أن تقاس ذاته على ذات خلقه؛ لأن الأفعال صفات الذات».
  فالجواب: أن الفقيه جمع بين قياس الفاعلين بالقياس بين الفعلين من غير وجه جامع، وقد بينا الوجوه التي يصح منها القياس، والوجوه التي منها يفسد فلم يصح ما قاله.
  وأما قوله: «الأفعال صفات الذات».
  فالجواب: أن هذا من الغريب الذي اختص بمعرفته الفقيه، كيف يكون الفعل الذي هو شيء وذات صفة للذات؟ والصفات ليست بذات؛ فكيف يجعل الفعل صفة لفاعله؟ وفي أفعال الله تعالى الكلاب والخنازير والأشياء النجسة - تعالى الله عن وصفه بشيء من ذلك - ولأن عنده الفواحش والمخازي والقبائح فعل الله - تعالى عن ذلك -، وإن كان الفقيه يقول ليست قبيحة مع أنه لا قبيح يعلم إلا هي، فكيف يجعلها صفة للباري وهو بزعمه من الموحدين؟!
  وأما قوله: «وقد ورد القرآن بأن الله تعالى أمر بما لا يريد».
  فالجواب: أن هذه من جملة مناقضاته؛ لأنا قد بينا قبل هذا أن الأمر لا يكون أمراً إلا بالإرادة، وفصلنا بين لفظة الأمر التي قارنها الإرادة وبين ما قارنتها الكراهة؛ فلو كان يحسن مع ذلك القول بأنه يأمر بما لا يريد لجاز حمل قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ}[الإسرا: ٦٤] - ومعلوم أنه وارد بصيغة الأمر، لكن المراد بها التهديد، ولهذا عقبه تعالى بقوله: {وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ٦٤}[الإسراء] - على إرادته تعالى الاستفزاز والوعد بالغرور.
  وإذا كان الفقيه لا يعرف الفرق بين لفظة (افعل)، وهو يريد ما تعلقت به فيوصف بأنها أمر، وبين لفظة (افعل) وهو يكره ما تعلقت به فتوصف بأنها