كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في معنى أمر الله إبراهيم (ع) بذبح ولده]

صفحة 558 - الجزء 2

  تقدم؛ لأنه لو أمر بالذبح لما كان تصديقاً لرؤياه إلا بأن يذبح على أن قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ١٠٥}⁣[الصافات]، يدل على أنه فعل # ما أمر به.

  وأما قوله: «لو كان إنما أمره بالإضجاع وإمرار السكين فقط دون الذبح لم يكن ذلك امتحاناً».

  فالجواب: أنه أمر بما فعل # وظن أنه يؤمر بنفس الذبح، فكان امتحاناً بما فعل وبما ظن أنه سيقع بعده من الذبح، ولهذا يحسن حينئذ أن يقول: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ١٠٦}⁣[الصافات]؛ لأنه لم يعلم أنه يضجعه ثم لا يذبحه؛ فلما عزم على امتثال أمر الله ø، وقد فعل هذه المقدمات التي ما تعود أحد أنه يفعلها إلا ويتعقبها الذبح كان ذلك بلاء مبيناً.

  وأما قوله: «ولا كان لفدائه من إضجاع قد وقع معنى».

  فالجواب: أنا لا ننزل أن الفداء قد وقع عما حصل من الإضجاع حقيقة، وإنما سمي فداء لأنه غلب على ظن إبراهيم # أنه سيؤمر بذبحه لما علم أنه أمر بمقدمات الذبح، فلذلك جاز أن يسمى فداء.

  وأما قوله: «وكذلك لو ذبحه ثم التحم لم يكن للفداء معنى، ولا لبلائه معنى».

  فالجواب: ما قدمنا من أن البلاء والفدية وقعا لأنه # ظن أنه يذبحه؛ لأمره بمقدمات الذبح.

  وأما قوله: «فكذلك لو كان منعه من ذبحه بقلب صفة عنقه نحاساً على ما يقوله جهالهم؛ لكان عندهم مكلفاً للفعل مع العجز عنه والمنع منه، وذلك باطل عندهم».

  فالجواب: أن من قال بذلك يقول: إنه أمر بالمقدمات وقد فعلها أو بإجراء المدية على الحلق دون أن يؤمر بفري الأوداج، على أن الفقيه إن استبعد أن يأمر تعالى بفعل ويمنع منه فكيف أمر تعالى الكافر بالتقوى بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا