كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حول شرعية الخمسين صلاة]

صفحة 559 - الجزء 2

  النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ}⁣[النساء: ١]، والكافر من الناس، ثم منعه الله تعالى عنه بخلق الكفر فيه، وأراده منه وقدره وقضاه قضاء لازماً وقدراً حتماً، وحال بينه وبين التقوى بأشد الحوائل، ثم أقبل عليه يذمه ويلعنه على ما خلق فيه من الكفر، ويلومه ويتهدده على ترك التقوى الذي لم يخلقه فيه، ولا أعطاه القدرة عليه، هل لمن هذا مذهبه أن يورد سؤالاً أو يستقبح شيئاً؟! لولا الغفلة عما يلزم على المذاهب الشنيعة؟!

[حول شرعية الخمسين صلاة]

  وأما قوله: «وكذا أن الله أمر نبيه ÷ ليلة المعراج بخمسين صلاة وفرض ذلك على أمته ثم ردهم إلى خمس، فلو أراد ذلك لما حطه ورده ..» إلى آخر ما ذكرنا.

  فالجواب عن ذلك: أن الفقيه - أبقاه الله! - شم رائحة أحكام خطاب الله سبحانه وخطاب رسول ÷ من بعيد، ولم يخالط رجاله ولا تعرف أحكامه؛ لأن نسخ الشيء قبل وقت فعله لا يجوز؛ لأنه لو كان كذلك لكان بداء، والبداء لا يجوز على الله تعالى؛ لأنه من صفات المخلوقين؛ إذ هو دليل على الجهل والندم، وهما لا يجوزان على المتصف بالقدم.

  وأما أمره لنبيئه ÷ بالخمسين الصلاة فلا يمتنع تعلق المصلحة بالأمر المشروط بأن لا يراجع في ذلك، فإن راجع كانت المصلحة متعلقة بأن ترد إلى ما استقر عليه، ومثل ذلك يعلم، ولولاه لما حسن الدعاء.

  وقد روينا عن أبينا ÷: «بر الوالدين يزيد في الرزق، وصلة الأرحام تزيد في العمر، ولله في خلقه قضاآن قضاء ماض، وقضاء منتظر، وللأنبياء على العلماء فضل درجتين وللعلماء على الشهداء فضل درجة» ولا تكون الزيادة في الرزق والزيادة في العمر فيكون القضاء فيه ما هو منتظر إلا في المشروطات؛ فتفهم ذلك أيها الفقيه العالم! وكيف يصح إن كنت من المتوسمين أن يتعبد الأمة بما لم يصلهم خطابه، في أي أنواع العلم وجد الفقيه ذلك؟ فإنما كانت