كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في أن إرادة القبيح قبيحة]

صفحة 563 - الجزء 2

  تكون علة في تحريك الجسم على ما قدمنا من دليل إثبات الصانع تعالى، إذا كانت العلة في حاجة أفعالنا إلى فاعلها هي حدوثها وقد شاركت الأجسام أفعالنا في الحدوث الذي هو علة الحاجة إلى المحدث وجب أن تشاركها في الحاجة إليه؛ فلهذا قلنا: من أثبت الحدوث للأجسام ونفى حاجتها إلى محدث مع علمه أن أفعالنا احتاجت إلى محدث يحدثها كان مناقضاً فكيف يقتصر الفقيه على حكاية بعض الدليل، ويترك منه موضع الخلاف، ثم يعترض لولا الجهل أو التجاهل.

  ولأنا نقول: ما الدليل على أن لهذا العالم صانعاً صنعه؟ فلا يجد بداً مما ذكرنا، وإن كان يجد طريقاً غير ما قلنا فليأت بها ولن يأتي بها أصلاً.

  وأما قوله: «وقالوا: لا يجوز أن يخلق الظلم؛ لأنه لو خلقه كان ظالماً؛ لأن فاعل الظلم منا ظالم؛ فضلوا».

  فالجواب: ما سبق أن الظالم اسم فاعل لفاعل الظلم، ولهذا لا يسمى بذلك من عدل ولا من لم يظلم أحداً، وهذا ظاهر عند أهل اللسان، فلو كان تعالى فاعلاً للظلم لوصف بأنه ظالم كما أنه يوصف بفعل العدل بأنه عادل، وكذلك الخلق والرزق والإحياء والإماتة بأنه تعالى خالق ورازق ومحيي ومميت، والعلة الجامعة بين هذه الأمور وما جانسها أنها من أسماء الفاعلين مشتقة من الأفعال بصفات بخلاف صفات الذات وصفات الحال، فقد غلط كثير من الناس في القياس بين هذه الصفات.

  وأما قوله: «وجعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه».

  فالجواب: أن من أثبت الشريك هو من يزعم أنه يخلق الأجسام والحياة والموت، ويحدث الأرزاق؛ فأما من أضاف إلى العبد ما أضاف الله تعالى إليه، ما دلت عليه الأدلة فليس بمشرك، ولأن المشرك من جعل الفعل الواحد من صانعين كما ذهب إليه الفقيه وأهل مقالته؛ فأما من أضاف إلى الفاعلين أفعالهم فذلك لا يكون شركاً، وإلا فالقرآن الكريم مشحون بإضافة الأفعال إلى