[التكاليف الشرعية لطف في الواجبات العقلية]
  منعماً عليهما على سواء، ولا يخرجُ الفعلَ من كونه إنعاماً علمُ المُمَكِّن من الفعلين بأن أحدهما لا ينتفع لأن هلاكه كان من سوء اختياره لا من قبل علم من مكنه.
  وقد بينا أيضاً أن العلم لا يؤثر في المعلوم، وإنما يتعلق بالشيء على ما هو به فكل هذا قدمناه وبيناه بياناً شافياً فلا معنى لإعادته.
  وأما قياسه فعل الحكيم في الشاهد على ما يفعله تعالى من خلق وتكليف - فقياس باطل؛ لأن الحكيم منا إنما يحب الطاعة والثناء لنفع يعود عليه ومسرة تحصل له، ويلحقه الغم والحزن من شتم من يشتمه من عبد وسواه، ولأنه ينتقص بما يدفعه من المال في شراء العبيد الذين ذكر شراءهم فلهذا يستجهله العقلاء متى فعل ما ذكر في سؤاله.
  وأما الله تعالى فلا يجوز عليه المنافع والمضار ولا الإقتار ولا الافتقار فكيف يقيس الخالق على المخلوق لولا حرمان التوفيق، ولم يختلف أحد من العقلاء في أن خلق الإنسان حياً سوياً عاقلاً من أكمل النعم، وما اختلف في ذلك مسلم يقر بالصانع، ولا كافر نافٍ له أن خلق العقل من أجل النعم أو حصوله على مذهب الملحدة.
[التكاليف الشرعية لطف في الواجبات العقلية]
  وقد ثبت أن بعد كمال العقل لا بد من واجبات عقلية يجمع على وجوبها المسلم والكافر كقبح الظلم ورد الوديعة، وقضاء الدين، وشكر المنعم إلى غير ذلك، والواجبات الشرعية لطف فيها، واللطف يجب فعله؛ لأن تركه ينقض غرض الآمر والناهي وذلك لا يجوز فلا بد من التعبد، ويدفع عنه القبح التمكن، وما في مقابلته من الزجر والترغيب، ولا يبعد جهلك بهذا الشأن، وإنما فرض علينا البيان.