كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تفسير الفقيه: لا يحب الفساد، لا يرضى لعباده الكفر وغيرهما والرد عليه]

صفحة 6 - الجزء 3

  فهل هذا إلا مثل أن يقول: ولكن اختلفوا، فمنهم أسود ومنهم أبيض، ومنهم ذكر ومنهم أنثى؛ إذا كان تعالى خالقاً لذلك ومريداً له، ويتمحض حينئذ مذهبهم مذهب جهم، ويلزمهم ما يلزمه من العبث في الأوامر والنواهي، وإرسال الرسل وإنزال الكتب، وجواز ظهور المعجز على الكفار ومن يدعو إلى الإلحاد، إلى غير ذلك من الجهالات الفاحشة.

  وأما قوله: «وقد عمت جميع ما وقع عليه الاسم، من عمل الله تعالى، كثيراً ويسيراً» - فذلك صحيح في أفعاله تعالى، دون أفعال العباد على ما بينا.

[تفسير الفقيه: لا يحب الفساد، لا يرضى لعباده الكفر وغيرهما والرد عليه]

  قال: «وأما قوله⁣(⁣١): {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة] - فمعناه لا يحب كونه ديناً وصلاحاً، ومتقرباً به إليه، ولا يحبه من أهل الصلاح، وإن أحبه أن يكون فساداً قبيحاً من أهل الفساد».

  فالجواب: أنه زاد الإلزام تأكيداً بتفسيره: أنه لا يحب كونه ديناً وصلاحاً، وإن أحبه أن يكون فساداً قبيحاً، فلم ينقص الفقيه مما في ظاهر الآية شيئاً، بل بدل معناه؛ لأن الله تعالى حكى: أنه لا يحب الفساد ممن وقع منه، وعلى أي وجه وقع، والفقيه عين وجود القبيح، وإضافة الفساد إلى محبته تعالى منها، وهذا صريح الرد لكتاب الله تعالى، على التفسير بما خالف العقول، ومحكم الكتاب، ومن فسر آية بغير علم، تبوأ مقعده من النار⁣(⁣٢).


(١) الضمير يعود على الشيخ محيي الدين، ولكن ليس هذا قوله لأنها آية قرآنية، والأصح أن يقول الفقيه: وأما استدلاله بقوله تعالى ... في هذه الآية وما بعدها. ومن كلمة (فمعناه) كلام الفقيه.

(٢) هذا إشارة إلى ما أخرجه الترمذي عن ابن عباس ® قال: قال رسول الله ÷: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» أخرجه الترمذي وله في رواية: «اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» انتهى من تيسير الوصول إلى جامع الأصول، تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.