[الفرق بين إرادة الإجبار وإرادة الاختيار والرد على شبهات الفقيه]
  ضعف الإمام، ولا ضعف أهل الإسلام، لما كانت الإرادة متعلقة بالاختيار، وكذلك إرادة الله تعالى لإسلامهم، وكراهته ø لوقوع ما يقع مما يخالف العقل والشرع منهم، لا يدل على ضعفه سبحانه وعجزه؛ لأنه أراد ذلك منهم طوعاً، وأراد منهم ترك ما هم عليه طوعاً.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولأنه قد ثبت في عقل كل عاقل، أن من أراد شيئاً على أي وجه أراده من فعل نفسه، أو من فعل غيره، على وجه الطوع والاختيار، أو على وجه الإلجاء والإكراه كان يوجد ما أراده على الوجه الذي أراده، ومتى لم يرد شيئاً وكرهه لم يوجد ذلك الشيء؛ - كان موصوفاً بصفة الكمال والتمكن والاقتدار ونفوذ التصرف، وأنه أكمل صفة ممن يريد من عبده أو من جنده وعسكره فعلاً وجرياً على وجه الطاعة منهم له، فلا يطيعونه ولا يفعلون إلا ما كرهه ولم يرده».
  فالجواب: أن من وجد مراده سواء أراده اختياراً أو إجباراً، فإنه يكون أكمل ممن لم يحصل مراده، وهذا يخص الشاهد؛ لأن الغالب أن الواحد منا يريد من الغير الفعل ليتقوى به، ويجتلب به منفعة، أو يدفع به مضرة في العاجل أو الآجل، فمتى لم يقع من مراده ما هذه صفته لحقه النقص، ومتى وجد مراده وصف بالكمال، وذلك نحو الملك إذا أراد من جنده محاربة عدوه؛ لأن مراده متى وقع لحقته قوة، ويجري مراده منهم مجرى ما يريد من فعل نفسه، مما يقصد به النفع أو دفع الضرر؛ لأنهم كالآلة له في التوصل إلى ما يريده.
  وكذلك الواحد منا إذا أراد من غيره أن يؤمن، فقد يلحقه بوقوع مراده ضرب من النفع؛ لأنه يتكثر به ويتقوى به على العدو، فإذا لم يقع من مراده ما هذا حاله لحقه نقص، وهذان الوجهان لا يصحان فيه تعالى، وإنما يريد من فعل غيره مما يريده على غير وجه الإلجاء، بل على وجه الاختيار لكي يصلوا به إلى الثواب، وينجوا به من العقاب.