[شبهة الفقيه أن الموافقة والمخالفة تكون بالأمر لا بالإرادة والرد عليه]
[شبهة الفقيه أن الموافقة والمخالفة تكون بالأمر لا بالإرادة والرد عليه]
  ثم قال: «وأما قول القدري [أي محيي الدين]: فإنه يقال له ولمن قال بهذه المقالة، إذا كان الله تعالى يريد الواقع من الأفعال ... إلى آخر كلامه - فالجواب (من الفقيه): أن الموافقة والمخالفة لا تكون باتباع الإرادة، وإنما تكون باتباع الأمر ومخالفته، والدليل على ذلك أن الله ø يريد احتباس المطر ووقوع الوباء والغلاء في بلاد المسلمين، ويريد موت الأنبياء $ والصالحين، وبقاء الكفار والأبالسة والشياطين، وقوتهم وصحة أبدانهم، وتطويل أعمارهم، وتمكينهم من الكفر والضلال، وخلق القدرة لهم على ذلك، كما أن إبليس يريد جميع ذلك، والنبي والمؤمنون لا يريدون من ذلك شيئاً، والنبي والمؤمنون غير مخالفين لله سبحانه، وإبليس غير موافق له؛ لأن الله تعالى نهى عن هذه الإرادة وإن كان الله يريد ذلك، وأمر النبي ÷ والمؤمنين بأن لا يريدوا ذلك، وأمرهم أن يخرجوا إلى الاستسقاء والدعاء، وطلب كشف هذه الأمور كلها عنهم، وإن كان مريداً لذلك؛ فعلم أن الموافقة والمخالفة لا تكون إلا بالأمر دون الإرادة».
  والجواب: أنا قد قدمنا الكلام في أن الأمر لا يكون أمراً إلا بإرادة المأمور به، وبينا أن صيغة (افعل) تصلح للأمر والتهديد، والندب والإباحة، وبينا أمثلتها، وأنها لا يعلم أنها أمر دون غيره من المعاني التي ذكرنا إلا بالإرادة؛ فمتى أمر الله سبحانه بأمر وجب امتثاله، وعلمنا أنه أراده لا محالة.
  وأما قوله: «بأن الله تعالى يريد احتباس المطر، ووقوع الوباء والغلاء في بلاد المسلمين، ويريد موت الأنبياء والصالحين، وبقاء الكفار والأبالسة والشياطين ... إلى آخر كلامه، كما أن إبليس يريد جميع ذلك، والنبي ÷ والمؤمنون لا يريدون من ذلك شيئاً».
  فالجواب: أن القول بأن الله يريد ما عده من الأمور الشاقة الصعبة من فعله تعالى، فهو قول صحيح.