[شبهة الفقيه أن الموافقة والمخالفة تكون بالأمر لا بالإرادة والرد عليه]
  وقوله: بأن إبليس يريد جميع ذلك؛ فإن أراد أنه يريد تلك الأمور على وجه أنها حكمة وصواب، وأن فيها مصالح الدين، وإن كانت مضار في الدنيا - فذلك ثناء حسن على إبليس! ولا يقول به قائل؛ لأن ذلك طاعة لله تعالى، وهو غير مطيع.
  وإن أراد أنه يريدها لأجل ما وقع بها من المشقة على عباد الله تعالى، ولم يحفل بما فيها من صلاح الدين، فمتى أراده بنا فإنه يريد بعباد الله الشر والضر، من أي فاعل كان، كما حكى الله عنه بقوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}[النساء: ١١٩]، واختلاف الوجوه تؤثر في قبح الأفعال وحسنها، ولو تشابهت في الصور.
  وأما قوله: «وأمر النبي ÷ والمؤمنين بأن لا يريدوا ذلك».
  فالجواب: أن هذا كذب على الله وعلى النبي ÷ وعلى المؤمنين، بل أمر سبحانه بالرضا بما فعل، والاحتساب لما فات، قال –وهو أصدق القائلين -: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ١٥٦}، ثم أثنى عليهم سبحانه فقال: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ١٥٧}[البقرة]، فكيف يتجاسر على هذه الأمور العظام، حياطة لمذهبه الذي بدا عواره، وظهر بواره؟! لولا قلة الدين، وقلة المبالاة برب العالمين.
  وأما قوله: «وأمرهم أن يخرجوا إلى الاستسقاء والدعاء، وطلب كشف هذه الأمور كلها عنهم وإن كان مريداً لذلك».
  فالجواب: أن جهل الفقيه بمواقع أفعاله سبحانه حمله على ما قال، ولسنا نشك أن الله تعالى ينزل البلية والمحنة لما يعلم في ذلك من المصلحة الدينية، وإن كان ذلك شاقاً على من نزل به، ويجب الصبر والرضا بذلك؛ لأنه فعل حكيم لا ينازع في حكمه، ولا يرد ما فعله من ذلك، ويجب امتثال ما أمر به من الصبر، الذي وعد عليه بالمضاعف من الأجر، بل جعله تعالى جزافاً وأضعافاً، وقدر