كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حوار حول آيات الوعيد وإبطال شبهات الفقيه]

صفحة 62 - الجزء 3

  فليتأمل ما ذكرنا ففيه قطع شَغَبِه، وهو خلاف قوله، ولا مخلص من أحد هذين أبداً، وقد أريناه التخلص بالأدلة الصحيحة، بحمد الله ومنه.

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: وهذا الدليل مبني على ستة أصول أحدها: أن الوعيد عام شامل لكل عاص. والثاني: أن ذلك يعم الفاسق وغيره. والثالث: أن الخلود هو الدوام. والرابع: أن إخلاف الوعيد كذب. والخامس: أن الكذب قبيح. والسادس: أن الله تعالى لا يفعل شيئاً من القبائح.

  قال: فالذي يدل على الأول، أن لفظة (من) إذا وقعت نكرة في الشرط والجزاء اقتضت استغراق كل عاقل.

  فنقول وبالله التوفيق: قد استدللنا عليك من لفظك بما تكرهه وتأباه، فانفصل عما ذكرنا أولاً؛ فإما أن تكذب أحاديثك التي أوردت، وتعتقد أنها باطلة، فتلقى بها خزياً وفضيحة، أو تدعي العصمة لآحاد المسلمين، فتخالف العيان، أو تقول يراد بها الخصوص، وتترك قولك هذا أيضاً، فترجع إلى الموافقة وتترك المخالفة».

  فالجواب: أنا قد تخلصنا من إلزامه أن (من) لا تقتضي العموم، حيث بينا المعاني التي متى حمل اللفظ عليها كانت عامة، ولا يخرج عن ذلك إلا مذهب من يقول إنه يدخل الجنة، ويموت تائباً، ويموت مستكمل الإيمان، وإن كان مبغضاً لأهل البيت $.

  على أن هذا منه معارضة وليس بدلالة؛ لأنا لو حملنا لفظ (من) هاهنا على الخصوص لأجل دلالة دلت على إخراجها من موضوعها الذي هو العموم، كما حملنا كثيراً من آيات القرآن الكريم مما يقتضي التجسيم وسواه على غير ظاهرها، بل على معنى يوافق أدلة العقول، ومحكم الكتاب - لم يجب لأجل ذلك أن تخرج لفظة (من) التي هي في الآية عن حقيقتها لغير دلالة، كما أنه لا يحمل محكم الكتاب الكريم على غير ظاهره لغير دلالة، وإن حملنا المتشابه على غير ظاهره،