كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حوار حول آيات الوعيد وإبطال شبهات الفقيه]

صفحة 63 - الجزء 3

  أو على بعض ما يحتمله ظاهره دون بعض لدلالة، وهو موافقة العقل ومحكم الكتاب، فليتأمل ما ذكرنا، فعنده غنية إن شاء الله تعالى.

  وعلى أن في السؤال غلطاً منه؛ لأنا قلنا: إن (من) موضوعة للعموم، ودللنا على ذلك بجواز تخصيص بعض ما دخل تحت اللفظة، فلولا أنها مستغرقة لكل ما تصلح له لما صح الاستثناء، وهذا ثابت في قول الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا}⁣[النساء: ١٤]، فإنه يحسن استثناء التائبين، وإن كان قد حصل منهم ما هو معصية، فصحة الاستثناء تدل على الاستغراق، ولم نقل: إن لفظة العموم لا يدخلها التخصيص ولا الاستثناء لأجل الدلالة، وكيف نقول بذلك ونحن نستدل بجواز الاستثناء وحسنه على صحة الاستغراق، بل على وجوبه؟!

  فإذا عرفت أن ما أوردته غلطاً، نقلنا الكلام إلى ما مثل به، مما رويناه من الأخبار فيمن مات محباً لأهل البيت مات تائباً، إلا أن يكون معتقداً أن المحبة كافية، أو مجرد التوبة عن أداء الواجبات وترك المقبحات، مع التمكن من ذلك، وكذلك مستكمل الإيمان، ما لم يعتقد أن المحبة كافية، فهذا الذي اعترض به غير لازم، بل هو من شرط كونه عاماً صحة الاستثناء، فكيف يجعل طريق إبطال كون اللفظة عامة ما هو شرط في كونها عامة؟ لولا ضعف النظر.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ثم نزيد على هذا فنقول: لأجل هذا الذي ذكرت بعينه من أن (من) إذا وقعت نكرة في الشرط والجزاء، اقتضت استغراق كل عاقل، يجب أن يكون كل من آمن وإن عصى يحكم بدخوله الجنة؛ لأنه قال على سبيل الشرط والجزاء: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}⁣[الأنعام: ١٦٠]، و {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ٨٩}⁣[النمل]، وما في معناه.

  فإن قلت: إنما أراد بقوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} إذا لم يقتل