[حوار حول آيات الوعيد وإبطال شبهات الفقيه]
  فالجواب: أنه تفسير منه بهوى نفسه(١)، فلو كان لدلالة لابتدأ بها من أول الأمر، وترك هذا التحويم الذي طال به كلامه، ولم يبلغ به غرضاً صحيحاً، وسنبين المراد بالآية إن شاء الله تعالى، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار.
  وأما قول النبي ÷: «الإيمان يعلو ولا يعلى» وهو الأولى بالتقديم، فهو خبر صحيح، ولا تعلق له به في هذه المسألة، وهو دليل في الشرعيات، مثل قوله ÷: «لا يقتل مؤمن بكافر»، ومثل إبطال الشفعة للذمي، وما شاكل ذلك.
  وأما قوله: «ثم يقال لهم: ما أنكرتم من قائل يقول لكم: إن معنا دليل التخصيص نصاً من القرآن، على أن هذه الآية وما في معناها واردة في الكفار دون الموحدين من وجهين اثنين:
  أحدهما: قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ٤٩}[التوبة]، وقوله: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ١٤ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ١٥ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ١٦}[الليل]، وقوله: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ
(١) قال ¦ في التعليق: ولا يصح أن يستند في تفسيره إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} ... إلخ [النساء: ٤٨]؛ إذ يلزم غفران كفر الملاحدة والمعطلة؛ لأنهم غير مشركين.
فإن قيل: قام الدليل على سائر الكفار.
قيل: وكذا قام في الفساق، مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}[الأنفال: ١٦]، ومثل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا} ... إلخ [النساء: ٩٣]، ومن السُّنة كثير، وقد قال النبي ÷: «ما أحد لا يشرك بالله شيئاً، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويجتنب الكبائر، إلا وجبت له الجنَّة». أخرجه الإمام المرشد بالله # عن أبي أيوب؛ فأفاد الخبر أن الكبائر غير الشرك بالله، فكيف يقول الفقيه هي الشرك؟!
وأخرجه عن أبي أيوب بطريق أخرى وفيها: (فسألوه ما الكبائر؟ قال: «الإشراك بالله، وقتل النفس المسلمة، وفرار يوم الزحف») [الأمالي الخميسية (١/ ٢١)].
وكذا قال ÷: «ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر - ثلاثاً -؟! قلنا: بلى، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - وكان متكئاً فجلس، وقال -: ألا وقول الزور وشهادة الزور - فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت -». رواه البخاري ومسلم، ذكره في (المثل الكامل).