[حوار حول آيات الوعيد وإبطال شبهات الفقيه]
  الوجه الأعظم من المعاصي، وهو الكفر، من وصفه الله تعالى بما وصف، فتفهم ذلك إن كنت ممن يفهمه(١).
= فالآية تحتمل أوجهاً: إما أن يكون القصر فيها ادعائياً مبالغة، كأنه نزل غير الأشقى المكذب منزلة العدم، كقولك ما العالم إلا زيد، وكقوله ø: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}[الأحزاب: ٣٣]، أو يكون إضافياً بأحد أقسامه: إما القلب إن فرض أن من يعتقد أنه يصلى النار غير الأشقى من المؤمنين، أو إفراد إن فرض من يدعي أنه يصلاها معه غيره ممن لا يستحقها من المؤمنين، أو التعيين إن فرض أنه خوطب بها من يتردد في أنه يصلاها هو أو غيره ممن لا يستحق.
ويحتمل أن يكون المتوعد بها ناراً مخصوصة وفي الذهن أنه تفسير أحد أئمتنا $ وقد أفاد الإمام بما أوضحه من تخصيصه بالحمل على الصلي الأعظم، ويحتمل أيضاً أن يكون (تولى) صلة موصول ثان مقدر، أي لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب والذي تولى، وهو غير المكذب من أهل الكبائر، مع أن (ناراً) في الآية غير عامة، فيحتمل أن تكون ناراً مخصوصة بالمكذبين، وغير ذلك من الأوجه الصحيحة التي يجب الرجوع إليها عند قيام البرهان عقلاً ونقلاً، وإلا لزم إبطال الأدلة، ولا يقول بذلك من له أدنى مسكة من العلم والإسلام والله الموفق. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(١) قال ¦ في التعليق: لا يخفى أن قوله تعالى: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ١٥} من الحصر، وقد تقرر أن الحصر قسمان: حقيقي وإضافي؛ فالحقيقي مثل: {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}[النمل: ٦٥]، مثلاً، والإضافي مثل: (لا عالم إلا زيد) لأنه إمَّا بالإضافة إلى أهل بلده، أو إلى قوم معينين اُدّعي لهم العلم، أو أنه على جهة المبالغة وادعاء أن علم غير زيد لا يعتد به بالنسبة إلى علم زيد؛ فلا شك أن من قال: لا عالم إلا زيد، لا يريد به نفي علم جميع أهل الدنيا.
وأنه يتوقف الصدق على قصر التعيين حيث اُدعيَ وتوهم مشاركة غيره له، وعلى قصر القلب حيث توهم أن العالم غيره كعمرو أو بكر، أو أنه قصد الحصر العرفي، وهو أنه نَزَّل علم غير زيد منزلة عدمه، ولا يصح منه إرادة الحصر الحقيقي لقيام الدليل، وهو العلم بوجود العلماء في الدنيا.
فلم لا يثبت مثل هذا في الآية؟ وهو أن الحصر فيها إمَّا بالإضافة إلى المؤمنين من أصحاب محمد ÷، وهم الذين وقعت بينهم وبين المكذبين من الكفار المنازعة والخصام، كما قد أشار إليه قوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ} ... إلخ [الحج: ١٩]، فيكون معنى {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ١٥} ... إلخ [الليل]، أي: لا المصدقون التابعون لما جاء به رسول الله ÷ فيكون الحصر بالإضافة إلى المؤمنين المتقين المشار إليهم بقوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ١٧} ... إلخ [الليل]، لا إلى كل أحد فيشمل الفساق لقيام المانع، وهو الأدلة الصريحة في كونهم يصلونها، كآية قتل المؤمن، وآية الفرار من الزحف، وآية الربا، وآية =