كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن التعدي إنما هو لجميع الحدود وإبطال دعواه]

صفحة 73 - الجزء 3

  بل تعدى بعضها ولم يتعد البعض الآخر، كاليهود والنصارى والبراهمة⁣(⁣١)، فإن اليهود والنصارى أقروا بالصانع سبحانه، وبنبوة كثير من الأنبياء، والبراهمة أقرت بالصانع تعالى وتوحيده، وخالفت في النبوات، وكثير من الكفار بلغ وتلقن الشرك من أبويه وغيرهما، ومات قبل توجه سائر التكاليف عليه؛ فيلزمه على هذا؛ أن لا يكون هؤلاء من أهل النار.

  والثاني: أن هذا يخالف ما ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}⁣[الأحقاف: ١٩]، وقوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا}⁣[الأنعام: ١٦٠]، وقوله: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ}⁣[الأعراف: ٨]، وقوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة].

  والثالث: ما وردت به الشريعة المطهرة عن النبي ÷، من إلحاق الوعيد بمن فعل شيئاً من كبائر المعاصي، وإن قد أتى بكثير من الواجبات وسائر الطاعات؛ فمن ذلك ما رويناه من الطريق التي قدمنا حكايتها، يبلغ به أبا جعفر الأشجعي، عن أبي هريرة، عن رسول الله ÷ أنه قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، كفارة لما بينهن من الخطايا ما اجتنبت الكبائر⁣(⁣٢)».


(١) البراهمة: فرقة كافرة من أهل الهند تزعم أنها بإمامة آدم من كل رسول وهدى مكتفية، وأن من ادعى بعده رسالة أو نبوة فقد ادعى دعوى كاذبة. تمت من شرح الأساس.

(٢) في المجموع: «الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، وهي قول الله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ..} الآية [هود: ١١٤]، قال: فسألناه ما الكبائر؟ فقال: قتل النفس المؤمنة، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، واليمين الغموس» أخرجه الإمام الأعظم زيد بن علي بسند آبائه عن علي # موقوفاً، انتهى.

«الصلوات الخمس كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر» أخرجه أحمد، ومسلم، والترمذي عن أبي هريرة. انتهى من الجامع الصغير إملاء الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.