كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان حال أبي بكر وعمر وعثمان]

صفحة 100 - الجزء 3

  أورده المجبرة.

  ثم تمثل بقوله: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩} كما تزعمه المجبرة القدرية، أنه تعالى يجوز منه أن يعذب الأنبياء بذنوب الفراعنة، ويثيب الفراعنة بطاعات الأنبياء؛ لأنه تعالى لا يستحق عليه شيء عند هذا المجبر، وهذا بعينه هو الظلم.

  فلما استدل بقوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} خلاف قول المجبرة قال: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩} والكل كلام الله وقوله، والغرض الاحتجاج بما تتعلق به الحجة، دون موالاة تلاوة الآي؛ فلولا سوء أدبه، ورداءة مذهبه، لما تعرض لشيء من ذلك.

[بيان حال أبي بكر وعمر وعثمان]

  وأما تكريره لأحوال أبي بكر وعمر وعثمان؛ فقد بينا ما الصحيح في أمرهم، ولو صح لنا أنهم لم يخطئوا، لوجب اعتقاد إمامتهم، ولو صح لنا أنهم تعمدوا مخالفة أمر الله تعالى وأمر رسوله ÷؛ لوجب سبهم وإظهار البراءة منهم؛ لأنه ليس في الدين هوادة، ولكن وقفنا حيث أوقفنا الدليل، خلاف قول الفريقين من القول بالإفراط والتفريط، وكل واحد منهما ما وضح دليله.

[دعوى حسن المغفرة للفاسق بل للكافر]

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: وكذلك حكايته في قوله: لا يجوز أن يغفر الله تعالى للفاسق إن أراد به الجواز الذي هو الحسن، فهو حكاية باطلة؛ لأنه كان يحسن من الله تعالى أن يغفر للفاسق، بل للكافر من جهة العقل؛ لأنه يقضي بأن الذنب كلما عظم كان العفو عنه أدخل في باب الحسن، ولأنه حقه واستيفاء حقه لا يجب عليه، وهذا بخلاف الثواب فإنه حق للمثاب وإيفاء الغير حقه واجب.

  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: فنقول: هذا القول يستند إلى أمرين: أحدهما: أنه يجوز في العقل بل يحسن أن يغفر الله للفاسق بل للكافر إلا أن السمع منع من ذلك.

  والثاني: أنه يجب على الله لعباده إثابتهم على طاعاتهم إذا أطاعوه.