[توجيه لاستحقاق الخلود لمن عصى في آخر عمره]
  فأما الأول فإنا نقول: أولاً: كيف يجوز عندكم أن يرد السمع بما قضى بقبحه العقل؟ ثم نقول: أما في الكافر فالإجماع، وأما في الفاسق فقد استدللنا على أن السمع قد جوز ذلك ولم يمنعه».
  فالجواب عن هذا: أنه قسم الكلام قسمين، وحكى أن الأول: يجوز أن يغفر الله للكافر والفاسق، من جهة العقل إلا أن السمع منع من ذلك، فقال في نقضه: كيف يجوز عندكم أن يرد السمع بما قضى بقبحه العقل، ولم يقل به أحد: إن العقل قضى بقبح العقاب، بل قلنا: إنه يحسن بالعقل العقاب، ويحسن العفو، فحسن الأمرين على سواء، فحكى الفقيه ما لم يذكر له، وهذا هو الزيغ الشديد، والضلال البعيد.
[توجيه لاستحقاق الخلود لمن عصى في آخر عمره]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ثم نقول: يا أهل القدر احسبوا أن العاصي قد أضر بمعصيته بالله تعالى، أفليس العقلاء متفقين أن العقاب بقدر الذنب؟ فأي عقل دلكم معاشر القدرية على أنه لو أن رجلاً مسلماً موحداً أطاع الله مائة سنة، فلما كان آخر عمره شرب جرعة خمر، أو عزم على ذلك ولم يفعله، ثم مات قبل أن يتوب، أنه يكون مستحقاً للخلود في النار أبد الآباد، وكل عاقل يسمع بهذا، فإنه يحكم عليكم أنكم أشد الناس تظليماً لله تعالى، فإن لم يكن هذا ظلماً على أصولكم؛ فلا يعقل ظلم على متضمن دعاويكم أبداً».
  فالجواب: أن هذا من الفقيه جهل بكيفية استحقاق العقاب من الله سبحانه، وقياس على أصل غير صحيح، وقبل بيان جهله بكيفية الاستحقاق يقال له في الكافر الذي اعتقد تحليل الخمر، واعتقد أن الصلاة غير واجبة، واعتقد أن محمداً ÷ ليس بنبي ساعة واحدة، بل طرفة عين، وقد فعل من أنواع البر ما لا مزيد عليه، من توحيد الله، وحسن الثناء عليه، كأن يكون يهودياً أو نصرانياً ويعتقد نبوة محمد ÷ كما يعتقده بعضهم، ثم مات غير تائب، أو