[ذكر مسألة التحابط بين الصغائر والكبائر]
  يرد في ذلك شيء محصور، بل وردت ألفاظ متفرقة لا تدل على الحصر، ولا يبعد أن تكون الكبيرة ما يستحق به الحد، وقد قال بذلك بعض العلماء».
  والجواب: أنا تكلمنا في حد الكبيرة والصغيرة بحكمهما الكاشف عنهما، والفقيه أجاب فذكر بعض صور الكبائر، فيلزم على قوله هذا أن لا يعرف لها حد إلا بمعرفة أعيانها، وحصر ذلك متعذر.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولا يبعد أن تكون الكبيرة ما يستحق به الحد، فقد قال بذلك بعض العلماء» - فلقائل(١) أن يقول: فيلزم فيما لا يستحق به الحد أن يكون صغيراً، وتعريف الصغائر لا يجوز؛ لأنه يكون إغراء بذلك النوع من القبيح؛ لأن للعبد فيه منفعة، وشهوته متعلقة به، وهو عالم بأنه لا يعاقب عليه، بل يقع عقابه محبطاً في جنب طاعاته قطعاً، وقد ثبت أن الإغراء بالقبيح قبيح.
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: ما يعلم مقدار عقابه وعقاب غيره من الأفعال أو ثوابه، فيكون حد الكبيرة ما يستحق به من العقاب في كل وقت من عقيب أن يفعله أكثر مما يستحقه من الثواب في كل وقت ... إلى آخر كلامه.
  فهذا(٢) بناء على أصل قد فسد، ومن أوجب على الله مستحقاً للعبد فقد بارز الله وعَنَد، والموجب على الله تعالى شيئاً لعباده قد سلك غير السبيل، واستدل بغير دليل، وقد استدللنا على إبطال ذلك وإفساده، فبان أن قوله: وهذا معنى صحيح؛ تقحم بلا بصر، وقول بغير تحقيق نظر».
  والجواب: أنه جعل جواب الكلام أنه لا يجب عليه تعالى شيء، وقد بينا أنه يجب من حيث الحكمة ثواب المطيعين، ولم نقل: إن أحداً يوجب على الله سبحانه شيئاً، ولكن سلك الفقيه عادته في حكاية ما لم يكن بأنه كان.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وأما استشهاده بالبيت، فيدل ذلك على غفلة
(١) من هنا جواب الإمام عبدالله بن حمزة @.
(٢) بداية كلام فقيه الخارقة.