كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام حول معاوية وأشياعه وتكفير الفقيه للشيخ محيي الدين والجواب عليه]

صفحة 114 - الجزء 3

  فأقول⁣(⁣١): لقد فسقت وكفرت بتفسيقك من شهد الله بأنه من المؤمنين، وتكفيرك من شهد الرسول ÷ أنه من المسلمين، وأحلتنا في فسق معاوية وكفره على نسبه، وسنستدل عليك إن شاء الله في ذلك بما يبطل كلمتك، ويدحض حجتك.

  وأما الذي يليق هاهنا فنقول: اعلم أن علياً # الذي هو خصم معاوية وحربه لم يذهب إلى كفره وكفر أصحابه، ولقد كان يصلي على من قتل منهم، ويدعو ويترحم عليه، ولولا أنه كان يراهم مسلمين لما صلى عليهم، ولا دعا لهم.

  وقد شهد الله تعالى بأنهم مؤمنون بقوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩]، فسماهما مؤمنين مع وجود التقاتل.

  وسماهم النبي ÷ مسلمين في الخبر المشهور الذي لا يدفع، في مدح الحسن بن علي @: «إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين» فكان الأمر على ما قال.

  فأنت قد كذّبت الله ورسوله في هذه الأخبار والشهادة، مع أنك لم تقتصر على تكذيب الله ورسوله في هذا الموضع، بل قد كذبتهما في مواضع كثيرة، وزعمت أن شهادة الله وشهادة رسوله تتغير وتتبدل، وأن الله قد تكلم بغير معنى، وأن نبيه قد نطق بالهوى، حيث زعمت أن إخبار الله ø عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ..} الآية [التوبة: ١٠٠]، أن هذه الشهادة إنما كانت في تلك الحال، ثم تغيرت بعد.

  وكذا شهادة النبي ÷ للعشرة بالجنة⁣(⁣٢)، إنما كانت في تلك الحال؛ ثم


(١) القائل فقيه الخارقة.

(٢) قال ¦ في التعليق: يأتي ذكر رواية تكذيب علي # حديث العشرة من رواية أبي مخنف لوط بن =