[رضا الله عن الصحابة ثابت لمن بقي على تلك الحال ولم يغير ولم يبدل]
  الجليل، إن فساقاً كانوا عندنا غير مرضيين وعلى الإسلام وأهله مُتَخَوّفين، خدعوا شطر هذه الأمة، وأشربوا قلوبهم حب الفتنة، واستمالوا أهواءهم بالبهتان، وقد نصبوا لنا الحرب، وجدوا في إطفاء نور الله، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).
[رضا الله عن الصحابة ثابت لمن بقي على تلك الحال ولم يغير ولم يبدل]
  وأما قوله: «فأنت كذبت الله ورسوله في مواضع كثيرة، وزعمت أن شهادة الله وشهادة رسوله تتغير وتتبدل، وأن الله قد تكلم بغير معنى، وأن نبيه قد نطق بالهوى، حيث زعمت أن إخبار الله ø عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ... الآية [التوبة: ١٠٠]، أن هذه الشهادة إنما كانت في تلك الحال ..» إلى آخره.
  فالجواب: أنه كرر ما ذكرنا في هذه المسألة لأنه صار لظهور حكمه كالأليم، فصار كيفما آلمه أظهر الجزع، وليس ذلك بمخلص له من الدلالة، ونعم إنا نقول: إن الله تعالى رضي عنهم، وكذا في آية الشجرة، ونعم إنا نقول: إن رضا الله ثابت، وبشارة النبي ÷ صادقة، لكنها لمن يستحق ذلك، دون من لا يستحقه؛ فمن كان على تلك الحال دخل تحت هذا الثناء، ومن لم يكن كذلك لم يدخل هذا في الحال؛ حتى أنا لو قدرنا أن فيهم في تلك الحال من لم يكن مستحقاً للترضية، بأن يكون منافقاً أو غيره، أخرجناه من ذلك العموم.
  وهكذا نقول في استحقاق هذا الثناء الحسن، والبشارة في عاقبة الأمر: إنه إنما يكون لمن بقي على تلك الصفة التي كانوا عليها حال الترضية، وحالة البشارة بالجنة؛ فمن غير أو بدل أو خالف أو أخذ ما ليس له، مما يخرجه عن حيِّز المؤمنين إلى حيِّز المجرمين؛ لم يبق مستحقاً للترضية من رب العالمين، ولا يدخل تحت بشارة سيد المرسلين، لأن الإيمان مشروط بالإستقامة.