[نسبة من قال بالتحسين والتقبيح العقلي إلى التحكم على الله]
  حجة ولا دليل، فإذا قلنا لهم: ألستم تقولون إن الله ø إذا غفر الكبيرة التي لم يتب عنها صاحبها كان سفيهاً؟».
  فالجواب: أن هذه حكاية باطلة، بل نقول: إن العقل يجوز غفران الكبيرة بل الكفر كما يجوز العقوبة، لأن المغفرة والعقاب حقان لله سبحانه، فله استيفاء حقه وله إسقاطه، فكيف نقول لو غفرها لكان سفيهاً.
  وأما في الشرع فقد أخبر سبحانه في كتابه الكريم أنه يغفر لمن تاب وآمن، فقطع على أحد الجائزين في العقل، فإن أضاف السفاهة إلى لفظ الكتاب الكريم كان حرياً بما يستحقه من العذاب الأليم.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وإذا عاقب على الصغيرة التي تقع مع اجتناب الكبيرة كان ظالماً».
  فالجواب: أنا قد بينا معنى الصغيرة، وأنها التي يكون عقابها أقل مما يستحقه فاعلها من الثواب في كل وقت، فيصير مكفراً، وصار بمثابة من له على غيره مائة، وعليه لمدينه عشرة، فإنه لا يطالبه إلا بتسعين، فإن أخذ المائة أسقط حق غيره بغير مسقط، وقد قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}[الزلزلة]، وهذا لم ير ما يستحقه، فكان خلافاً للعدل الذي نطق به القرآن، وما قلنا إلا ما قال الله من الجزاء والحساب، ونفي الظلم عنه تعالى، ومن عفو الصغائر وتكفيرها، والعقاب على الكبائر وتعظيمها، وكل هذه موجودة في كتابه الكريم لا ينكره إلا من ينكر المعلوم، ودل عليه العقل.
  وأما ألم الطفل والبهيمة، فلا شك أنه لا بد فيه من غرض، وهو اللطف والاعتبار، والعوض الموفي عليه أضعافاً، فيخرج بالعوض من كونه ظلماً،