كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن الحسن والقبح يرجعان إلى الأغراض والرد عليها]

صفحة 130 - الجزء 3

  والوعيد، وجميع ذلك قد اعتمد عليه الفقيه في رسالته، ولكل سلف خلف، والمرء مع من أحب، وله ما اكتسب.

[دعوى الفقيه أن الحسن والقبح يرجعان إلى الأغراض والرد عليها]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: وبينا أن الحسن والقبح يرجعان إلى الأغراض، وهي الموافقة والمخالفة، قد يكون الشيء حسناً في حق واحد، وقبيحاً في حق آخر، لما أعلمناك، وأن ذلك منتف عن الله ø، إذ لا غرض له في شيء من ذلك، ولا فوقه آمر ولا ناه، فيحسن له، أو يقبح عليه⁣(⁣١).

  فالجواب: أنا قد استدللنا على أن المحسنات العقلية وكذلك المقبحات تحسن وتقبح لأمر يرجع إليها، نحو كون الفعل رداً للوديعة، وشكراً للنعمة، وإنصافاً من النفس، ويقبح لكونه ظلماً وعبثاً وسفهاً، وبينا أنه يعرف ذلك من لا يعرف الشرع، كالبرهمي⁣(⁣٢) والملحد، وأن ذلك بخلاف الأمور الشرعية، فإن أحكامها تعلم بالشرع، ولا مجال للعقل فيها.

  وأما قوله: «إن الحسن والقبح يرجعان إلى الأغراض» فقد⁣(⁣٣) قدمنا أيضاً أنه لو كان كذلك لوصف الفعل الواحد بالحسن والقبح، ولاستحق عليه الأمر والنهي، والمدح والذم، وذلك كله باطل.

  وأما قوله: «إذ لا غرض له سبحانه في شيء من الأفعال».

  فالجواب: أن هذا الإطلاق لا يجوز؛ لأن الغرض والداعي قد يكون داعي حكمة، أو داعي حاجة، فداعي الحاجة لا يجوز عليه سبحانه، لما ثبت من أنه


(١) قال ¦ في التعليق: فإذاً لا حسن في أفعال الله تعالى كما أنه لا قبح فيها؛ إذ لا غرض له تعالى، هذا على أصل الفقيه ..

(٢) البرهمي: واحد البراهمة وقد سبق التعريف في بحث [دعوى الفقيه أن التعدي إنما هو لجميع الحدود وإبطالها].

(٣) بداية جواب الإمام #.