كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[إبطال كون الحسن والقبح للأمر والنهي]

صفحة 131 - الجزء 3

  غني، وداعي الحكمة ثابت في حقه تعالى، وهو علمه بحسن الفعل، وانتفاع الغير به، وكيف ينفي ذلك على الإطلاق، لولا الجهل.

[إبطال كون الحسن والقبح للأمر والنهي]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولا فوقه آمر ولا ناه، فيحسن له، أو يقبح عليه».

  فالجواب: أنه بناه على أن الحسن يحسن للأمر، والقبيح يقبح للنهي، وهذا قد بينا بطلانه وألزمناه أن يقبح متى نهى عنه حي، ويحسن متى أمر به آخر، وعلى أنه يعرف الحسن والقبح من لا يعرف الأمر من الله تعالى كالبرهمي والملحد، ولهذا يلزمهم معرفة الصانع تعالى، ويقبح عليهم الكفر والعصيان، فلولا أنهم يعرفون قبح مقبحات، ووجوب واجبات؛ لما لزمتهم الحجة، ولا تعين عليهم السؤال ولزوم الجواب، فتأمل ذلك إن كنت من أهله، وما أخالك كذلك.

  وعلى أنه تعالى لو أمر بالكفر ونهى عن التوحيد لوجب حسن الكفر، وقبح التوحيد، وعلى أن هذا رجوع عن قوله: إن الحسن والقبح لأجل الأغراض، فهذه أمور متدافعة.

[مذاهب الفقيه في مسألة التحسين والتقبيح]

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: فليراجع المسطور، وليتثبت في الأمور، إلى آخر ما ذكر في كلامه - فقد⁣(⁣١) بينا بما ذكرنا أن هذا الرجل يأمر بالمعروف ولا يأتيه، وينهى عن المنكر ويأتيه، ولو سلك هذه الطريقة لكان ناجياً على الحقيقة، ولترك منازعة الله في مملكته، وتكذيب النبي ÷ مع قطعه بعصمته، وعدل عن الطعن على صحابته، والتعجيز لقرابته، لكنه يأمر بما لا يفعل، ويوافق من يجهل».

  فالجواب: أن حكاية صاحب الرسالة في قوله: فليراجع المسطور، فلم يرد بذلك ما قال، بل أراد أن الفقيه خلط في مسألة التقبيح والتحسين، فتارة يقول: إنهما فينا لكوننا مخلوقين، وتارة يقول: لكوننا مأمورين منهيين، وتارة يقول:


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.