[تأويل الخروج من النار]
  فأقول(١): من أعظم الجهل والشناعة، تكذيب هذا القدري بحديث الشفاعة(٢)، مع كونه من الأحاديث المشهورة، والآثار المعروفة غير المنكورة».
  فالجواب: أنه لم يجر للشفاعة في هذا الموضع ذكر، فإن أراد أن الشفاعة تكون سبباً لخروج قوم من النار، كما يدعي أهل القدر والإجبار، فكان ينبغي له أن يورد الخبر، ليقع الكلام في صحته أو فساده، والبيان عن معناه فيه ومراده، لكنه جهَّل غيره عما لم يذكره أصلاً فيعلم ما عند مخالفه في ذلك، فبدأه بالتجهيل والتشنيع، قبل حكاية الخبر الذي فيه الكلام.
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: إن صح حمل على خروجهم عن استحقاق النار بالتوبة في الدنيا؛ فانظر(٣) إلى هذا الخزي الوبيل، والرأي الفاسد العليل.
  قلنا له: قد صح أن قوماً من الموحدين يخرجون يوم القيامة من النار بشفاعة النبي ÷، قال: إن صح هذا حمل على كذا فلقد غلب على هذا الرجل جهله، وتبين بقوله نقصه وخفي فضله، ولدار المرضى أولى بهذا الرجل من مجامع العلماء.
  وأعجب من هذا قوله [أي محيي الدين]: كما ورد ذلك في مواضع من الأخبار مفصلاً؛ فانظر(٤) إلى هذا الافتراء، وعظم هذا الاجتراء، وليت شعري أين وردت أخبارك، وفي أي موضع ذكرت في هذا آثارك؟ فإن كنت صادقاً فبين لي عمن هي؟ عن مسيلمة أم عن الأسود العنسي؟ أم عن سجاح؟ أم عن إبليس؟
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.
(٢) قال ¦ في التعليق: ألم تقل: قد قلنا لكم أولاً: إنَّا لا نُسلم أن آيات الوعيد تناول هؤلاء ... إلخ ما سيأتي لك. فكيف صح خروج الموحدين بالشفاعة؟ وما هو الدليل الذي قضى بدخوله، والوعيد منصرف عندك إلى غير الموحدين؟ أيخرجون من النار قبل أن يدخلوها؟! فاعجب لمذهب ينقض بعضه بعضاً.
(٣) بداية كلام فقيه الخارقة.
(٤) بداية كلام فقيه الخارقة.