[دعوى الفقيه أن الوفاء بالوعيد ذم والرد عليها]
  ثم قال: «وأما ما ذكره [أي محيي الدين] من أن الشاعر يأتي بما يوافق غرضه، ولا يتبع دلالة ولا حجة، فإنما(١) استشهدنا بذلك لموافقته للكتاب والسنة وإجماع العقلاء، وليس هذا دليلاً بنفسه، بل قواه ما ذكرنا».
  فالجواب: أنا قد احتججنا على إثبات وعيد الفاسق كالكافر بالآيات والأخبار الكثيرة، كما قدمنا في الموضعين جميعاً.
[دعوى الفقيه أن الوفاء بالوعيد ذم والرد عليها]
  وأما قوله: «وأما استشهاده بالبيتين، فلعل ذلك من إنسان قد أورده على وفق غرضه، أو غرض من قيلا فيه هذين(٢) البيتين، وسائر العقلاء مخالفون له فيما قال».
  فالجواب: أنه لا فرق بين هذين البيتين وبين البيت الأول، في تجويز أنه وافق غرضه، وعلى أن المناظرة في هذه المسألة وقعت في وقت متقدم، واستشهد كل واحد من الفريقين بما ذكرنا، وربما زاد عليه، والمعتمد الأدلة المقطوع بها.
  وأما قوله: «وسائر العقلاء مخالفون له فيما قال؛ فإن من عفا ولم يعاقب أفضل ممن انتصف وعاقب(٣)، وهذا أشهر من أن يحتاج إلى دليل».
  فالجواب: أن ما قاله إن صح في الشاهد؛ فلما ذكرنا من أنه يخبر عن عزمه، لا عن نفس الفعل، فمتى حسن إخلاف الوعيد لهذه العلة فليست ثابتة في وعيد الله تعالى لعصاة خلقه، فإنه تعالى يعلم العواقب، فيكون مخبراً عن نفس الفعل، فمتى لم يفعله كان خلفاً، وكالكذب على ما قدمنا تفصيله.
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.
(٢) في الأصول هكذا والصواب: (قيل هذان البيتان) بلا ضمير في الفعل وهو من كلام صاحب الخارقة. انتهى إملاء الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٣) قال ¦ في التعليق: قول الفقيه: أفضل ... إلخ يقضي بأن العفو أرجح من خلافه فيشمل الكافر كالفاسق؛ بل يعظم حسن العفو بقدر عظم الذنب، فتأمل.