كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عودة إلى الفرق بين وعيد الله ووعيد خلقه]

صفحة 143 - الجزء 3

  به فينفذه، أم الصواب في تركه فيخلفه، فافترق الأمران.

  ولما فتح باب الروايات التي لم يسندها، فنحن نحكي له في ذلك ما صح سنده من طريق ناجية، من كتاب المنتخب من الإرشاد، عن عبدالله بن مسلم بن قتيبة في كتاب عيون الأخبار، قال: قال أبو بكر الصديق لعكرمة حين وجهه إلى عمان: سر على بركة الله، ولا تنزلن على مستأمن، ولا تؤمنن على حق مسلم، وأهدر الكفر بعضه ببعض، وقدم التدبير بين يديك، ومهما قلت إني فاعل فافعله، لا تجعل قولك لغواً في عقوبة ولا عفو، ولا تُرتجى⁣(⁣١) إذا أمنت، ولا تُخاف إذا قويت، ولكن انظر متى تقول وما تقول، ولا توعدن بمعصية بأكثر من عقوبتها؛ فإنك إن فعلت أثمت، وإن تركت كذبت، ولا تؤمنن شريفاً دون أن تكفله بأهله، ولا تكلفن ضعيفاً أكثر من نفسه، واتق الله، وإذا لقيت فاصبر.

  وبهذا الإسناد عن أبي مجالد، عن الشعبي أنه كان يقول: أثبت وعيد الله ولا تكن مُرجياً.

  وبهذا الإسناد عن أبي مجالد، قال أبو عمرو بن العلاء لعمرو بن عبيد وهو يتكلم في الوعيد فقال: إن العرب لا ترى ترك الوعيد ذماً، وترى ترك الوعد ذماً، وأنشد:

  وإنِّي وإنْ أَوْعدتُّهُ أَوْ وَعَدتُّهُ ... لَمُخْلِفُ إِيْعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي

  قال: فقال له عمرو: أفليس تارك الإيعاد مخلفاً؟ قال: بلى. قال: أفيسمى الله مخلفاً إذا لم يفعل ما أوعد؟ قال: لا، قال: فلقد أبطلت شاهدك.

  يروي هذا الحديث أبو القاسم البلخي عن أبي الحسين الخياط قال: حدثني أبو مجالد، عن أبي الهذيل، قال: مر عمرو بن عبيد بالقرب من حلقة أبي عمرو


(١) كذا: (لا ترتجى ولا تخاف) بالألف في الأمهات، ولعله خبر في معنى النهي. انتهى إملاء الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.