[دعوى الفقيه أن الإمام يحتج بآيات لم يجد لفظها فضلا عن معناها والرد عليها]
  الملائكة، من خصهم الله بشرف البنوة، ووراثة النبوة،
  لَنْ يَبْلُغَن مدحَ النَّبِيِّ وآلِهِ ... قَومٌ إذا ما بالمدائحِ فَاهُوا
  رجلٌ يقولُ إذا تحدَّثَ قالَ لِي ... جِبْريلُ أَرْسَلَنِي إليكَ اللهُ
[دعوى الفقيه أن الإمام يحتج بآيات لم يجد لفظها فضلاً عن معناها والرد عليها]
  وأما قوله: «إنه وجد في رسالتنا آيات احتججنا بها، لم يجد لفظها فضلاً عن معناها» فلم(١) نعلم ذلك من أدبه في خطابه، ولا علمه في جوابه، بل عاب من الألفاظ غير معيب، فكان كمن يعلم العسلان(٢) الذيب، أو النمل الدبيب، وقد بينا جهله فيما عيب فيه في فصل(٣) أوردناه وأوضحناه، أن ما عابه في الكتابة غير معيب، عند الحبر الأديب، وبينا خطأه في عيب ذلك، لو صَح ما قاله لجاز أن يكون سهواً، أو من الكاتب دون المنشئ للرسالة، وأنه حمل الأمور على أقبحها، مع وجود المندوحة(٤)، وأن مثل ما عاب قد جاء في رسالته مع توليها بنفسه، واجتهاده في تنقيحها، وحراستها مما عاب على خصمه، ورماه بوصمه؛ فكيف أجمل الكلام في القرآن الكريم؟ وما وجد فيه من الخطأ، وتكلم في البرد المرجل، وبرهن وعلل، تجنب روضة وأحال(٥) يعدو.
  وأما قوله: «لم يسيء الظن بنا» فحاشاه(٦) من ذلك؛ لأنه لا يسيء بنا إلا من
(١) بداية جواب الإمام #.
(٢) في القاموس: والذيب أو الفرس يعسل عَسَلاً وعَسَلاناً اضطرب في عدوه وهزّ برأسه. انتهى. والعسلان: سرعة المشي،.
(٣) سبق هذا الفصل في الجزء الأول.
(٤) المندوحة: يقال لك عن هذا الأمر مندوحة: سعة وفسحة.
(٥) أحال إلى الشيء أقبل عليه هارباً، ومنه حديث خيبر: فأحالوا إلى الحصن. تمت. قد ذكر هذا أبو هلال في جمهرة الأمثال وقال: هذا مثل ضرب لمن تعرض عليه الكرامة فيأباها ويختار الهوان عليها، وَمَعْنَاهُ: ترك الخصب وَاخْتَارَ الشَّقَاء والجدب. نقلاً من الأم. اهـ [والتصحيح من جمهرة الأمثال].
(٦) بداية جواب الإمام #.