[وجه الشبه بين الفقيه وعجوز البروية]
  وأما قوله: «إنه صحح خلافة العباسي» فما البرهان على ذلك؟ لأنا قد بينا أن إمامة المستحق لذلك من ولد الحسن والحسين $ ثابتة بالإجماع، وهو آكد الأدلة؛ فإذا ثبتت لولد الحسن والحسين فهي لا تكون إلا لواحد، ونحن مدعوها الآن دون الجميع، ولا بد من شرائط معتبرة عندنا أنا قد جمعناها.
  وقد اعترف بها من اتصل بنا من المخالف والموالف، اضطراراً بالدليل، واختياراً لمن حكم أدلة الأصول، ودان بالمسموع والمعقول، من أهل العلم والتحقيق، والتفتيش والتدقيق، وقلنا للبعيد: هَلُمنا، فمن نفر كان كمن قال الله تعالى حاكياً عنه في القرآن: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}[فصلت: ٢٦]، ومن آذانا كان كمن قال الله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ١١١}[آل عمران]، وكما قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ٥٠ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ٥١}[المدثر]، وهل على من أبدى صفحته للاعتبار، وخبيته للاختبار حجة؟
  فأما من ينبح من موضع ناء، فهو من البرهان فقير، وبصره من النظر في الحجة حسير، كيف يجاري الصحيحَ الكسيرُ، أو تصاول الليوثَ الحميرُ؟!
  وأما ما ذكره من السيرة فقد سارت بها الركاب، وحدثت من الجور بالعجب العجاب.
  أما(١) مسير الركاب بها فصحيح، وأما ما ذكرت من الجور فخبر مستحيل، وإسناد عليل، ينبيك بالصيف قرون الحرمل، وقال الشاعر:
  فَعَاجُوا فَأثْنَوا بالَّذي أنتَ أَهْلُهُ ... وَلَو سَكَتُوا أثنتْ عليكَ الحَقَائِبُ(٢)
(١) بداية جواب الإمام المنصور بالله #.
(٢) فعاجوا: عاج عوجاً ومعاجاً أقام، لازم ومتعد: وقف ورجع. انتهى من القاموس. والمعنى الأخير هو المراد هنا. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #. والحقائب: جمع حقيبة وهي كما في القاموس الرفادة في مؤخر القتب، وكل ما شد في مؤخر رحل أو قتب فقد احتقب. انتهى.