كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان الواجب على القائم والواجب على المدعوين]

صفحة 167 - الجزء 3

  فإنه لم يقم، ولا دعا الناس إليه، بل اعتذرت لسكوته بأنه عجز، أو لم يرد شق العصا. وإن لم يكن مذهبك هذا، فبين لي ما تريد بالواجب هاهنا؟».

  فالجواب: أن قوله: «هذا دعوى منك أن من لم يقم من أهل البيت $ فهو كافر» وكيف يكون الأصل مبنياً على فرعه، بل على فرع فرعه؛ لأن الدعاء إلى نفسه فرع على ثبوت الدعوة، التي هي القيام بالأمر، والعزم عليه، ومباينة الظالمين وإجابة المدعوين له فرع على دعائهم بالقول، أو المكاتبة، أو المراسلة، مع ثبوت الطريق التي هي الدعوة التي فسرناها، مع كمال الخصال المعتبرة في الإمام، فكلام الفقيه صدر من غير نظر ولا تفكر، فلهذا تعثر فيه أَيَّ تعثر، ثم بنى عليه أن علياً # لم يطلب ذلك، ليطلب بذلك تكفيره على غير نظام.

  ثم سأل عن الدليل على صحة ما حكاه من هذا المحال، وهو أن من ترك القيام من أهل البيت كفر، وهذا لا قائل به لمن عذر، لولا العجلة فيما كانت فيه مهلة.

  وأما قوله بعد ذلك [أي فقيه الخارقة]: «وإن لم يكن مذهبك هذا، فبيّن لي ما تريد بالواجب هاهنا».

  فالجواب: أنه قد كان ينبغي له أن يقدم ما أخره، فيقول: ما تريد بقولك وجب عليه القيام، فيجاب بأنه تعين عليه فرض الأمة في القيام بأعباء الإمامة، والصبر على ما يتحمله من التكاليف لأجل ذلك، التي فيها تلف الأرواح والأموال في الدنيا، والخطر بالهلاك - لمن لم يقم بما يجب عليه من إمام ومأموم - في الأخرى.

  وأما وجوب إجابة الداعي - فلما ذكرت من وعيد النبي ÷، بأن الله تعالى يكب من لم يجب الداعي في نار جهنم على منخريه.

  ثم قال: «وأما قولك: وعلى المدعوين النظر في أحواله، فذلك⁣(⁣١) بناء على


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.