[انتقاد الفقيه لما لا غرض فيه والرد عليه]
  فأول ما فيه: أنه أخطأ في نصف البيت الثاني فقال: ويا أسفا كم يظهر النقص فاضل؛ فإذا قد أظهر النقص الفاضل من تلقاء نفسه، فما معنى الأسف، ولعله كم يكتم الفضل فاضل، وإنما صاحبه لا يميز، بل كيفما خطر في قلبه أورده، وقد تميز بما ذكرنا الفضل من النقص، وهذه أبيات سأستشهد بها عليه –إن شاء الله تعالى - في موضع هي به أليق من(١) هذا».
  فالجواب: أنه قد كرر ما ادعاه في الكتابة والخط، وألحقه بما لا يليق بمن يتعاطى الأدب والدين، بتشبيه أولاد النبيين والمرسلين بالبراذين، والمدعو الله سبحانه، والمرجو منه أن يعجل النقمة، أو يمكن من شر الفريقين حالاً، وأقبحهما اعتقاداً ومقالاً، ليجري عليه من الأحكام ما فرضه ذو الجلال والإكرام، إنه سميع مجيب، وصلى الله على محمد وآله.
  وأما عيبه في أبيات المعري فذلك على عادته، في أن من خالفه في حفظه وروايته فهو مفتر كذاب، أو منحط عن مرتبة أهل العلوم والآداب، وهي طريقة له تفرد بها عن سائر العلماء؛ لأن كل إنسان يروي ما صح له روايته، على الوجه الذي سمعه عليه، فإن كان في معنى ما رواه ما يحتاج إلى نظر كان إلى مصنفه لا إلى راويه.
  وعكس الفقيه الطوية، وحسن الظن بنفسه وروايته، دون من خالفه من سائر البرية، هذا أجمل ما يقال فيه، غير أن التعويل عليه لا يتمم كلام الأنبياء، ولا يصحح أشعار الفصحاء، ولا ينقص كلام العلماء، فلقد أراد خلط نفسه بالعلماء؛ فافتضح عند أهل العلم، أفليس شعر المعري سقط الزند(٢) المسمى بديوان الصِّبا(٣)، أشهر من مهب الصَّبا(٤)، ولا يعرف إلا على الصورة التي
(١) ذكرها في [انتقاد الفقيه اللاذع والرد عليه].
(٢) سِقْط الزند: ديوان لأبي العلاء المعري.
(٣) الصِّبا: الصغر والحداثة و - الشوق. تمت معجم.
(٤) الصَّبا: ريح مهبها من مشرق الشمس إذا استوى الليل والنهار. تمت معجم.