[المجبرة يعتقدون إرادة القبائح والقضاء بالمعاصي]
  رؤيتها عن نفسه، تمدحاً راجعاً إلى ذاته، فلا يجوز إثبات ما تمدح الله بنفيه على هذا الوجه؛ لأنه يؤدي إلى إلحاق النقص به، وذلك لا يجوز عليه تعالى.
  أما أنه تمدح بذلك تعالى فهو ظاهر؛ لأنه متوسط بين المدائح؛ لأن ما قبله وما بعده مدح، ولا يجوز أن يتوسط بين المدائح في الكلام الفصيح ما ليس بمدح، ولهذا لا يجوز أن تقول: فلان عالم زاهد يأكل الخبز شجاع كريم.
  وأما أن إدراك الأبصار هو رؤيتها فلأنه متى قرن الإدراك بالبصر لم يفهم منه إلا الرؤية، كما إذا قرن بغيره فهم منه، إما الشم أو الذوق، أو غيرهما.
  وأما أن هذا التمدح راجع إلى ذاته فلأن الشيء يدرك على أخص أوصافه؛ لأنه عنده تعلم المماثلة والمخالفة، وهما يثبتان لصفة الذات، ولو خرج تعالى عن صفته الواجبة إلى صفة يرى عليها لخرج عن صفة ذاته، وذلك لا يجوز؛ لأنه يجوز إثبات الحدث، وكذلك تجدد صفة الذات لا يجوز؛ لأن ذلك يخرجها من كونها ذاتية، وذلك لا يجوز.
  وأما السنة فقد روينا بالسند الصحيح أن النبي ÷ قال: «لن يَرى اللهَ أحدٌ في دنيا ولا آخرة» وهذا نص في موضع الخلاف، وفي الأدلة من العقل والكتاب والسنة مكنة، لكن لم يظهر من الفقيه ما يوجب نقض هذه المسألة.
[المجبرة يعتقدون إرادة القبائح والقضاء بالمعاصي]
  وقوله [أي فقيه الخارقة]: «ولا إرادة القبائح والفحشاء، فقد بينا ذلك قبل هذا».
  والجواب: أنا قد بينا أنه تعالى لو أراد القبائح، لكان بمنزلة من فعل القبيح، لما ثبت في الشاهد أن إرادة القبيح قبيحة، وإنما قبحت لكونها إرادة للقبيح، فتقبح من أي فاعل وقعت، وقد استقصينا ذلك.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولا القضاء بالمعاصي على الإطلاق، فنحن نقول بذلك».
  فالجواب: أن المجبرة لا تحترز في هذه المسألة، بل كلما حدث من خير أو شر، أو حسن أو قبيح، قالوا: هو بقضاء وقدر، ويقولون: كل شيء بقضاء وقدر،