كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[رسالة الإمام محمد بن عبدالله (ع) إلى خواص أصحابه]

صفحة 164 - الجزء 1

  الزحوف، أيد⁣(⁣١) الله جل ثناؤه رسوله بعلي بن أبي طالب - عليه الصلاة والسلام - فقام إليهم وله خطرات بسيفه ذي الفقار، فسألوه عن النسبة فانتهى إلى محل اليفاع الذي لا لأحد عنه مرغب، وأوجل الله قلوبهم من مخافته حتى اجتنبوا ناحيته، فما زالت به تلك المشاهد مع رسول الله ÷ حتى شتمته رجال قريش، وحتى تشاغلت نساؤهم بالمآتم، فكم من باكية أو داعية أو موتور قد احتسى عليه بفقدانه أباه أو أخاه أو عمه أو خاله أو حميمه، يخوض مهاول الغمرات بين أسنة الرماح، ولا يثنيه عن نصرة رسول الله ÷ نَبْوَة حداثته، ولا ضن بمهجته، حتى استولى على الفضل في الجهاد في سبيل الله، وكان أحبّ الأعمال إلى الله، وزرع إبليس - عدوّ الله - بغضه في قلوبهم، فلاحظوه بالنظر الشزر، وكسروا دونه حواجبهم، وراشوا⁣(⁣٢) بالقول فيه والطعن عليه، فلم يزده الله بقولهم فيه إلا ارتفاعاً كلما نالوا منه، نزل القرآن بجميل الثناء عليه في آي كثيرة من كتاب الله تعالى، قد غمّهم مكانه في المصاحف، ومن قبل ما أثبته الله جل ثناؤه في وحي الزبور أنه وصي الأوصياء، وأول من فُتِحَ لعمله أبواب السماء.

  فلما قبض الله - جل ثناؤه - رسولَه كان أولاهم بمقامه، ليس لأحد مثله في نصرته لرسول الله ÷، وأخ له ليس لهم مثله له جناحان يطير بهما في الجنة، وعمّ له هو سيد الشهداء في جميع الأمم، وابنان هما سيدا شباب أهل الجنة، وله زوجةٌ سيدةُ نساء أهل الجنة.

  فلما قُبِضَ رسول الله ÷ أخذ أهله في جهازه إلى ربه، فاختلفوا فيمن يلي


(١) أمره وأيد كلاهما يصلح أن يكون جواباً لـ (لمَّا) وكان الظاهر أن يكون غير الجواب فيهما معطوفاً بالواو ولكن لم توجد الواو في أحدهما في جميع النسخ الموجودة ولا في الحدائق الوردية فالظاهر أن الجواب: أمره الله ... إلخ، وأيد الله مستأنف كأنه قال: فما كانت الحال؟ قال: أيد الله جلّ ثناؤه ... إلخ. تمت نقلاً من خطّ والدنا الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.

(٢) راش السهم يريشه: ألزق عليه الريش. انتهى.