[استحقاق أهل الكبائر للخلود]
  ذلك بدخولهم في عمومات الوعيد، فكيف يقول: إنه قد استدل على بطلان إحباط أعمال الموحدين؟ لأنه عنى بالموحدين من أقر بالتوحيد وخالف ذلك بأن ترك واجباً، أو ارتكب محرماً؛ فإنه يكون فاسقاً لا محالة، فلولا إقراره بالتوحيد لكان من الكافرين.
  ومع قوله هذا لم يُجب عما ذكره من أن دلالة اللعن والاستخفاف تدل على الإحباط؛ لأن من استحق اللعن وهو الطرد عن رحمة الله كيف يستحق الدخول في الرحمة التي أعظمها الجنة التي أعدت للمتقين؟
[استحقاق أهل الكبائر للخلود]
  ثم قال: «وقول القدري: وكذلك ما عينه لنا رسول الله ÷ من تلك المعاصي، مثل قتل النفس، وقذف المحصنات، واليمين الغموس، والشرك بالله وهو خَلَقَك إلى غير ذلك، قال [أي فقيه الخارقة]: فلم يعين النبي ÷ بأن القاتل الذي لا يستحل القتل مخلد في النار والقاذف، أو الحالف اليمين الغموس».
  والجواب: أن هذا بهت من الفقيه، وقد قدمنا ذكر ذلك(١) كله بالإسناد عن النبي ÷، وكثير منه في خطبة الوداع، وهي آخر خطبة خطبها ÷ حتى لحق بالله ø، فكيف يكذب الفقيه ما صح ووضح صدقه؟ ولو سلك الناس طريقة الفقيه في تكذيب ما صح صدقه لما قامت على مبطل حجة.
  فلينظر فيما قدمنا من الأخبار بطرقها الصحيحة، فإن فيها ما يقطع شغبه، إن كان من المقرين بالإسلام، ولو كان من المنكرين لنقلنا معه الكلام إلى ما ينقطع عنده سؤاله، فلكل سؤال جواب، ولكل فريق خطاب.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وإن كان قد ذكر بعض أهل العلم، بأن اليمين الغموس تغمس صاحبها في النار، إلا أن التخليد لم يذكره، ولم يؤثر ذلك عن النبي ÷ فيكون فيه حجة».
(١) تقدم ذكر ذلك في بحث تحت عنوان: [معنى الغفران لمن يشاء].