كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حوار حول كتاب مصباح الشريعة لجعفر الصادق (ع)]

صفحة 242 - الجزء 3

  وجوابنا: أن الفقيه يرجع في ذلك إلى نفسه، فما علمه فهو كما علمه، ما علم أنه أول ما صنف ومن علمه أول من صنف فهو كذلك؛ لأن الفقيه علمه كذلك، ولو كان على غير ذلك لعلمه الفقيه، ومن براعته في العلم لم يقل أول ما صنف في اللغة، أو في النحو، أو في الفقه، وكلامه هذا شبيه بقول الصبيان: (احزى ما في يدي؟) وهكذا يكون العلماء من جنسك.

  وما الفائدة في أن تعرفه شيئاً وعنده ميزان العلم؟ وهو أن ما علمه فهو كما علمه، وما لم يعلمه فليس بمعلوم، ولا له وجود أصلاً؛ إذ لو كان له وجود لعلمه الفقيه؛ فسبحان الله ما أعجب هذا الإنسان! وقد قال سبحانه وتعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦}⁣[يوسف]، وقال تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ}⁣[يونس: ٣٩]، وما أحقه بهذه الآية وجنسها.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «فإن صح ذلك عن جعفر بن محمد # فليس يريد بذلك أبا بكر ولا عمر ولا عثمان».

  فالجواب: أنه نقض قوله: «إن الكتاب الذي فيه هذا الكلام لا أصل له؛ لأنه لم يعرفه» بقوله: «فإن صح ذلك فليس يريد بذلك أبا بكر ولا عمر ولا عثمان» مع أن الصادق # لم يخص هؤلاء دون غيرهم، بل قال⁣(⁣١): فإن التبس عليك حال أحد من الصحابة فقل: اللهم إني محب لمن أحببته أنت ورسولك، ومبغض لمن أبغضته أنت ورسولك؛ فإنك لن تكلف فوق ذلك.

  ولو نظر الفقيه في هذا الكلام البديع؛ لعرف أنه خرج من مشكاة النبوة، فإنه رجع بعلم ما التبس إلى من لا يجوز عليه اللبس، وهو محبة الله ومحبة رسوله ÷، وما على الفقيه في هذا الإجمال من الخلل إن كانت حال الذين ذكرهم حال سلامة؟! ولعله خشي ما قيل في مثل العوام: (من أخذ ما في الكوة؟ قال:


(١) أي الإمام الصادق #.