كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في حديث اقتدوا بالذين من بعدي]

صفحة 269 - الجزء 3

  وفيهم العلماء والحكماء.

  وأما سبه وأذيته؛ فكل إناء يرشح بما فيه، فأطيب ما وجد أخرج، ولا جواب له عن ذلك إلا ممن يجانسه:

  مَا ضَرَّ تَغْلِب وَائِلٍ أَهَجَوْتَهَا ... أَمْ بُلْتَ حَيْث تَنَاطَحَ الْبَحْرَان

  وأما ذمه لمن أورد عليه ما زلزل قدمه، فهي عادته المألوفة، أن يجعل الجواب المشاتمة، وبذلك تعرف العقلاء أخلاقه وشيمه.

  وأما ادعاؤه الإزراء على أمير المؤمنين #، وأنه ممن لم يعرف معاني النصوص عليه بالإمامة، فإن كان حكاه عن نفسه أو عنَّا؛ فهو كاذب على نفسه وعلينا.

  وأما قوله: «لم يسمع منه قط في إعلان ولا إسرار»؛ فليبحث عن إيراده # لخبر المناشدة، فإن فيه نيفاً وسبعين فضيلة، منها أخبار الإمامة، ومنها معاني آيات كثيرة، ومنها ما يدل على العصمة، ومنها فضله على سائر الأمة، ولا بد إن شاء الله تعالى من ذكره، وحكاية بعض طرقه، ليعلم ما نفاه في يوم السقيفة، وفي الخلافة، أصلها خلافة أبي بكر وعمر ويوم الشورى، وما جرى من مكاتبة معاوية، وما أوجبها، فإن مسألة الإمامة أليق بها، وسائر الأخبار مختصة ببابها.

  وأما حكاية مشبهي المجوس، وأنهم يسحبون في النار، فقد بينا أنه أحق بذلك وفرقته؛ لأنهم حملوا ذنوبهم على الله، وأفردوه سبحانه بخلق كل قبيح، ونزهوا عن ذلك كل أعجمي وفصيح.

  وأما أبيات المعري، فقد تعلق بها، وتعلق بها غيره، وغايتها التمثل دون الاستدلال، والمرء مرتهن بما قال، غير أنه عكسها ونكسها، فلا بد أن ينصف الله منه للضرير، لتعديه شعره وتكسيره شجره؛ فقال في مصراع البيت الأول: «كم يكتم الفضل فاضل»، وليس كذلك، بل كما رويناه، وكذلك قوله: «ويا نفس جدي إن نجمك آفل» خطأ ظاهر، وإنما هو: «فيا نفس جدي إن دهرك هازل».