كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تجميل الإمام لحال الصحابة ليس تقية، ومجرد الوصف بالظلم لا يدل على السب]

صفحة 270 - الجزء 3

  ولسنا نرده في هذا إلينا، بل يسأل أدنى أهل مقالته، ليعرفوه بالقضية على الجلية، وما أشبهه بالشاة الجبلية جعلت عمدتها الوثوب برأسها، فعلم المشاهد انتكاسها.

  وأما منقوده في كتابة (الفظيع) بالضاد؛ فإن كان ما قاله صحيحاً؛ فلقد زاد في الانتقاد، وله مثل ما عليه، من ذلك أمور قد جمعت له في فصل مفرد، وقد كان يحسن منه أن يحمل ذلك على سهو أو غلط الناسخ؛ لكنه متسرع إلى الأذية بسبب وغير سبب.

[تجميل الإمام لحال الصحابة ليس تقية، ومجرد الوصف بالظلم لا يدل على السب]

  ثم قال: «قال القدري: وأما قوله [أي فقيه الخارقة] في جواب كلام الإمام #: أيُّ سب أعظم من اعتقاد أن الصحابة ظلمة، وأنهم أخذوا ما ليس لهم، وأنهم كتموا النصوص عن النبي ÷ الموجبة لإمامة علي #.

  فالكلام⁣(⁣١) عليه: إن تجميل الإمام # لحال الصحابة لم يكن تقية منك ولا من غيرك، وسواه من الشرفاء⁣(⁣٢) وغيرهم يظهر السب والأذية، ولم يخف في ذلك أحداً، وأولاد الحسين # يلعنونهما من عند رؤوسهما صباحاً ومساء، وإنما ذكر ذلك ديناً وتصريحاً بما يعتقد؛ ليكون أتباعه على بصيرة من أمرهم.

  وعلى أن مجرد الظلم لا يدل على السب، ولهذا قال تعالى في قصة يونس #: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ٨٧}⁣[الأنبياء]، وقال في نبيه آدم #: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٢٣}⁣[الأعراف]، وكذلك في ظاهر المعصية، فقد قال تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ١٢١}⁣[طه]، ولم يدل ظاهره على استحقاق اللعن والعقاب.


(١) الكلام هذا للشيخ محيي الدين ¥.

(٢) جمع شريف ككريم وكرماء، وهو الذي صح في الأصل ..