[إثبات عصمة أمير المؤمنين (ع)]
  الله تعالى ما حدث منه من المساعدة، إما سهواً أو غلطاً، وهذا لا يمنع من العصمة، وإنما يمنع من كبائر الذنوب.
  وأما أن تقع الشكاية، ممن أكلفه على فعل لم يكن يراه صواباً، إلا خشية أن يحدث ما هو أعظم منه، مثل التحكيم لمن حكمه، فأما التحكيم على الجملة فلو وقع له # إنصاف، لكان أولى بالحق دون معاوية اللعين.
  وكذلك قوله: أعشوا عليّ بصري، حيث أنهم غلبوه على رأيه(١)، وكذلك قوله: شفيت نفسي وقتلت معشري، أنه # لما ألجأوه إلى المحاربة، وإلى مشاقة الأقارب لم ير إلا الحرب، وإن كانت فيها مقاطعة الأقارب كما فعله النبي ÷، فما في هذا مما ينافي العصمة؟ ولم يدل شيء منها على أنه # أتى بكبيرة تحبط أعماله الصالحة، وعندنا أن المعصوم يجوز عليه الخطأ في دون الكبائر، ألا تسمع إلى قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}[الفتح: ٢]؛ فإن كان لا يذنب فما المغفور أيها العالم البصير؟
  وأما الاجتهاديات فالخطأ بعيد من أحكام العصمة، ولكن الفقيه - أبقاه الله تعالى! - مثل ما قالت العامة في صم الإبل: رأتها تستجر ففزعت بغير بصيرة.
  أليس رسول الله ÷ رأى رأياً في الحروب، ردها عليه أصحابه فرجع إليها؛ لما نهض لعير قريش حط في بدر في أسفل الوادي، فقالوا: يا رسول الله أمنزل أنزلناه الله أو هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال: «بل هو الرأي» فقالوا –أو بعضهم -: فإن كان كذلك فانهض بنا حتى نكون في أعلى الوادي، فنحوز المياه خلف ظهورنا، ونقاتل العدو من وجه، فساعدهم على ذلك ÷.
  وكذلك أشار على أهل المدينة بترك التأبير لتمر المدينة ذلك العام؛ فقال: «إذا أمرتم بشيء من الدنيا فأنتم أعلم»، وكذلك أراد الصلح بثلث تمر المدينة
(١) رأيهم (نخ).