[بحث حول الرافضة والباطنية]
  قالوا: يا من ليس بموجود فيشبَّه، ويا من ليس بمعدوم فيعطَّل(١) - فهو(٢) خطأ منه في اللفظ والمعنى؛ فأما في اللفظ: فوصف القائلين بذلك بأنهم رافضة، والرافضة هم الذين رفضوا زيد بن علي # والتحقوا بالإمامية، وأما الباطنية فهم فرقة من الملحدة، تأولت الشريعة على موافقة مذاهبها في الإلحاد والمقالات والأعداد، وتارة بالتثنية والتثليث الذي خدعت به أنواع الكفرة من الثنوية والمجوس، والنصارى واليهود، حتى اجتمعت مذاهبهم على باطلهم من وجوه مذكورة في كتبهم، معروفة عند أهل التفتيش؛ فأين أحد الأمرين من الآخر؟
  وأما في المعنى: فإن الباطنية جمعت في الشيء الواحد النفي والإثبات، فخالفت المعقول والمنقول، وأما الإمام # فتوقف في ثبوت الأحكام حيث أوقفه الدليل، وصح عنده # أن تقدم المشائخ خطيئة، لوجود المنصوص عليه، ولم يقطع على كونها محبطة فتكون كبيرة، ولا غير محبطة فتكون صغيرة، عملاً بما رواه عن جده رسول الله ÷ أنه قال: «أيها الناس إن الأشياء ثلاثة: أمر استبان رشده فاتبعوه، وأمر استبان غيه فاجتنبوه، وأمر اختلف عليكم فردوه إلى الله» وهو أحق باتباع جده ~ وسلامه.
  وأما ظنه أن الإمام # يعتقد أن هذه المعصية كبيرة يستوجب بها الخلود في النار، فهو ظن كاذب، ورجاء خائب؛ لأنه لو كان رأيه # لما كتمه؛ لأنه ممن لا تأخذه في الله لومة لائم، وما أشبه حال القائل بما جرى به المثل: «رمتني بدائها وانْسَلَّت».
  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: فأقول ومن الله اللطف والتيسير: أما قوله [أي محيي الدين]:
(١) قال ¦ في التعليق: ينظر في الحكاية، فإن الظاهر أن الباطنية إنما يذهبون إلى أن الله تعالى لا يوصف بالوجود فيكون تشبيهاً، ولا بالعدم فيكون تعطيلاً، وهذه الحكاية جمعت بين الأمرين، فلعلَّ هذا من غلط الفقيه عليهم.
(٢) بداية جواب الشيخ محيي الدين.