كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول الرافضة والباطنية]

صفحة 287 - الجزء 3

  فهو جواب لا وجه له، لأن الإمام حكى أن الأمر لم يظهر له في أي المعصيتين - فما⁣(⁣١) هو إلا جواب له أوجه؛ لأن الإمام لا يخلو عن أحد أمرين: إما أن يظن أن ثَمَّ قسماً ثالثاً فيشبه الرافضة في قولهم، وإما أن يجهل ذلك ولا يعلمه؛ قلت: فلينزل إلى رتبة الجهال والعامة، فهو أخف عليه عند السؤال يوم القيامة، وقد أوضحت أنه جهل في ذلك ولم يعرفه، فلم يخرج عن أحد القسمين اللذين ذكرتهما».

  فالجواب: أن ما اعترض به لم يتخلص به عن الجواب؛ لأنه قال له: قد ثبتت المعصية لمخالفة المنصوص عليه، ولم يدل دليل على كونها كبيرة فأثبت له نفس المعصية، ووقف عن العلم بحكمها، لما لم يدل عليه دليل، وامتثل في ذلك ما ورد في الخبر عن جده ~، فلم يجب عن هذا الجواب.

  وكان الجواب أن يوجه له، بأن يقول: إنها ليست بمعصية، ويدل على ذلك. ومن دونه خرط القتاد وسف الرماد.

  أو يقول: إن الأمور أربعة: معلوم الصحة، ومعلوم الفساد، وملتبس الحكم، والرابع علم الفقيه إن كان عنده علم!

  وأما رميه لنا بالذم والجهل في ذلك، فهو بالجهل في ذلك أحق؛ لأنا فيما تعبدنا بالعلم به أو كان لنا عليه دليل عند المنازعة، فإنه يجب المصير فيه إلى العلم، وما سوى ذلك لا يجب علينا فيه حكم، بل نكله إلى الله تعالى.

  فأما استعمال لفظة التجهيل على الإطلاق، فقد قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ٨٥}⁣[الإسراء]، وما لم يؤت المرء علمه فقد يكون جاهلاً به إذا كان معتقداً له على وجه، وأما ما ليس بمعتقد له أصلاً، فلا يوصف بأنه عالم به، ولا جاهل، على طريقة الأصوليين، وإن كانت طريقة أهل اللغة إطلاق لفظة الجهل على فقد العلم، سواء كان هنالك اعتقاد أم لا.


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.