كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن أمر أبي بكر أمر استبان رشده والرد عليها]

صفحة 291 - الجزء 3

  على صحة إمامة أمير المؤمنين #، كان أحق بالأمر، فكيف يتجاسر الفقيه على قوله: لَعَلِم أن أمر أبي بكر أمر استبان رشده.

  وكذلك قوله [أي فقيه الخارقة]: «وكان الواجب عليه اتباعه لكنه لو سلك هذا الطريق لزالت عنه سلطنته، ولفارق أشياعه».

  والجواب: أن الواجب ترك اتباع أبي بكر؛ لأنه عمل بمخالفة الكتاب والسنة، الدالين على إمامة علي #.

  وأما خشية زوال السلطنة فإن أراد ما في خواطر الظلمة من الترؤس لطلب حطام الدنيا، ومحبة الجاه والذكر والثناء؛ فذلك ظن كاذب ورجاء خائب.

  وإن أراد بالسلطنة الرئاسة العامة في الدين والدنيا، وهي الإمامة التي حكم الله تعالى بها له، ولزم الكافة عند ثبوتها له اتباعه، والانقياد لأوامره، والانتهاء لزواجره، والاستبصار بنوره؛ فهذا أمر موقوف على الدليل، فما قام دليله وجب اتباعه.

  وقد قامت الأدلة على أن طريقة الإمامة بعد الأئمة الثلاثة⁣(⁣١) $ هي الدعوة بعد استكمال الخصال؛ إذ قد أجمعت الأمة على معناها، وبطل كل شيء سواها، على ما ذلك مبرهن عليه في مواضعه، وإنما الفقيه يفور من غليان مرجله، بما يؤذن بباطن بغضه وسوء عمله، ولكل عمل جزاء، وكل آت قريب.

  وأما أن سلطنته كانت تزول لو قطع بالبراءة من أبي بكر وعمر؛ فكيف ذلك؟ وكثير من الممالك ما أسست إلا على لعنهما، والبراءة منهما، وسبهما وسب من اهتدى بهديهما، وحذا على مثالهما، وكذلك ممالك كثيرة قامت بتعظيمهما وتقديمهما، كمملكة بني العباس، وما انبنى عليها من الممالك، فتركنا ذلك وذاك، وسلكنا الوسطى لاتباع الدليل؛ فلو وقفت لعلمت، ولو استعلمت الدليل لما ندمت.


(١) الأئمة الثلاثة هم: علي والحسن والحسين $؛ لأن إمامتهم بالنص لقوله ÷: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما».