كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن الإمام يعتقد كبر معصية التقدم والرد عليها]

صفحة 292 - الجزء 3

[دعوى الفقيه أن الإمام يعتقد كبر معصية التقدم والرد عليها]

  ثم قال: «وقوله [أي محيي الدين]: وأما ظنه أن الإمام # يعتقد ذلك، فهو ظن خائب، ورجاء كاذب - فالذي⁣(⁣١) وقع عندي هذا، وقد أورد هذا القدري في رسالته ما يدل على ما قلت، وهو الحديث الذي رواه عن النبي ÷ في أول رسالته في فضل حب أهل البيت قوله: «حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي» وعنده أن أبا بكر ظالم لهم.

  فإن كان إمامه يعتقد هذا فلا كلام، وإن كان مخالفاً لإمامه في هذا فالحمد لله على ذلك، وأستغفر الله تعالى عن زلل إن وقع هنالك».

  فالجواب: أن الإمام لو رأى أن ظلم أبي بكر كظلم من ظلم أهل البيت وحاربهم، لأجرى عليه من الأحكام ما يُجرى على محاربهم، ولم يحابه ولا سواه في أمرهم، لكنه قد تقدم أن لفظة الظلم تقع على الصغيرة من المعاصي والكبيرة.

  فإن اقترن بها ما يدل على كونها صغيرة، كمعاصي الأنبياء $، حكم بأنها مكفرة مغفورة، على ما بينا كيفية ذلك فيما سبق في مواضع من هذه الرسالة.

  وإن اقترن بها ما يدل على كونها كبيرة، مثل إضافة القتال مع الظلم، أو إطلاق السب من الحكيم وشبهه، قطع على كونها كبيرة، وإن لم يقترن بها واحدة من الأمارتين الدالتين على معرفة الصغيرة والكبيرة، وسعنا أن نكل ذلك إلى الله ø، وهذا هو فرضنا.

  وأما الحكم المعلوم لله تعالى وإن غبي عنا فأمره إلى الله ø، وهو المجازي عليه، وهو أحكم الحاكمين.

  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: «وأما تسميته⁣(⁣٢) هذا إرجاء، فذلك جهل قبيح، وقول غير صحيح، لكنه يقصد ازدواج الكلام، ولا يميز بين المعاني، ويبني على شيء


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٢) الضمير يعود إلى محيي الدين.