كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى سؤال المعونة والتوفيق وأنها من الله تعالى]

صفحة 299 - الجزء 3

  ولا يفعلها، أو بأن يفعل من المقدورات أكثر مما نفعله بقدرتنا في كل وقت، مما يضاد أفعالنا؛ فيكون الحادث من فعله تعالى على هذا الوجه أولى بالوجود من مقدورنا، وأما عين المقدور الواحد فيستحيل أن يتعلق بقادرين؛ لما قدمنا من أنه يؤدي إلى جواز وجوده وعدمه، ولأنه يسد على القائل به العلم بوحدانية الباري تعالى متى قدر أن الثاني على مثل صفاته الواجبة له.

[معنى سؤال المعونة والتوفيق وأنها من الله تعالى]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «فما معنى السؤال للمعونة، والتوفيق، والتسديد؟»

  فالجواب: أن معناه سؤال خلق القدرة، التي يتمكن بها من الفعل، واللطف الذي يكون معه أقرب من الطاعة، وصرف العوائق المانعة من الفعل، ليحصل ما أراده تعالى من الطاعة، وترك المعصية.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «لأن رأيه # كذا، ولم يقل اعتقاده».

  فالجواب: أن هذه جهالة منه، لأن الرأي قد يعبر به عن الاعتقاد، ويقول الإنسان: أرى في هذه المسألة كذا، أي أنه يعتقده، وسواء قيل: هذا رأي فلان أو مذهبه أو اعتقاده؛ فما هذه الجهالة الغالبة؟

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «والتوفيق عندنا هو الذي لا يستغني عنه الإنسان في كل حال».

  فالجواب: أن هذا الإطلاق يلزمه أن يكون خلق القدرة والعقل بل الحياة، يسمى الجميع توفيقاً، والعيش والماء وسائر ما لا غنى للإنسان عنه من الهواء وغيره، يسمى ذلك توفيقاً، ولم يقل بذلك أحد من أهل العلم.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة] بعد ذلك: «ومعناه موافقة إرادة الإنسان وفعله قضاء الله وقدره».

  فالجواب: أن هذا نوع آخر من الإجمال، فإن أراد بالقضاء والقدر العلم منه تعالى فهو حاصل في كل وقت، وإن أراد بالقضاء الأمر، فعند الجميع أن الله لا