[معنى سؤال المعونة والتوفيق وأنها من الله تعالى]
  يأمر بالفحشاء؛ فكيف يسمى ذلك توفيقاً؟ وإن أراد بالقضاء خلق الفعل فعندنا أن مقدوراً بين قادرين محال؛ لما بينا، ويكون التوفيق ما تحصل به الممانعة.
  والتوفيق من حكمه حصول ما هو توفيق فيه، والممانعة من حكمها تعذر الفعلين من القادرين أو أحدهما، وكيف يكون توفيقاً؟ والتوفيق والموفق عنده يرجعان إلى شيء واحد وهو خلق الله ø؛ فمتى حصل فلا فائدة في توفيق العبد أو خذلانه، ومتى لم يحصل فلا فائدة في منع العبد وذمه، فما هذه الأقوال المتدافعة؟!
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وأما إرشاد جميع المكلفين بالبيان، فهذا صحيح، وليس هو مما نحن فيه بشيء».
  فالجواب: أن البيان إنما يحسن ممن لا يجوز عليه التعمية والتلبيس؛ فأما من لا يوجد تلبيس ولا تعمية للمراد إلا منه، فما الأمان أن يكون ما يدعيه بياناً المقصد به ضده؟ ويحسن منه؛ لأنه لا يقبح منه شيء.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وأما التسديد فهو أن تقوم إرادته وحركاته، نحو الغرض المطلوب، ليهجم عليه في أسرع وقت، وهو وراء الرشد، والرشد يعني به العناية الإلهية، التي تعين الإنسان عند توجهه إلى مقاصده، فتقويه على ما فيه صلاحه، وتفتره عما فيه فساده، ويكون ذلك من باطنه، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ}[الأنبياء: ٥١]، فالرشد تثبيته بالتعريف في الباطن، والتسديد إعانة ونصرة بالتحريك».
  فالجواب: أن جميع ما ذكره إنما يصح بأن يكون العبد فاعلاً؛ ليوفقه الله ويسدده ويرشده لأن يفعل هو، وأما إن كان الفاعل هو الله تعالى، فكيف يدعوه بتوفيق وتسديد لفعل نفسه؟ وهو جار مجرى المعونة، والفاعل لا يوصف بأنه معين لنفسه خاصة في الله تعالى.
  فإذا ثبت أنه تعالى يخلق أفعال العباد، لم يحتج إلى هذه الأمور، وإن كانت