كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول وجوب إجابة داعي الله، ومن هو]

صفحة 326 - الجزء 3

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «فلو أجبنا إمامه خالفنا النبي ÷».

  فالجواب: أن هذا هو الحجة لنا عليه، وقد قدمنا من ذلك ما يدل على وجوب طاعة الرسول؛ لأنه رسول حكيم لا يفعل الكذب والتلبيس، ولا يبعث به الأنبياء، ولا يصدق الكاذبين، والفقيه متى قال: إن كل قبيح فالله خالقه ومحدثه؛ لم يأمن أن يكون ما حكيناه من تلك الجملة، وأولو الأمر هم الأئمة، وقد بينا أنه لا يجوز اعتقاد إمامة أحد قبل علي #؛ لدلالة كتاب الله سبحانه وسنة رسوله ÷ وسيأتيك في ذلك بيان شاف كاف إن شاء الله تعالى.

  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: «وأما ما ذكر من الوعيد والتهديد، فنقول كما قال الشاعر:

  أَرْعِدْ وَأَبْرِقْ يَا يَزِيْـ ... ـدُ فَمَا وَعِيْدُكَ لِي بِضَائِر»

  فالجواب: أن هذا هواه، ولو علم أن الواجب عليه مخالفة هواه، ومتابعة الكتاب الكريم والسنة الشريفة في تقديم أمير المؤمنين، واعتقاد حصر الإمامة في أولاده الكرام - لعلم أنهم أولى بما ابتزه غيرهم من أول الأمر إلى وقتنا هذا.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «قال القدري [أي محيي الدين]: وأما ما يتبعه من أبيات المعري، وما أضافه إلى الكندي وغيرهما، مما ذكره الإمام # فهو من جنس ما اعتاده من الاجتراء، والتوشيح بالسب والإزراء، فلا أفاد ولا سلم من الهلاك في المعاد، وقد بينا له غلطه في ذلك وجهله.

  فأقول⁣(⁣١) وبالله التوفيق: لقد غص هذا القدري بِرِيْقِه، وتبين له مخض علمه من مذيقه، ولم يجد رداً للحجج الواردة عليه، المبطلة لما ادعى من العلم لديه، إلا بالكذب أو التكذيب، إن هذا الأمر عجيب، ولقد ذكرنا الأبيات التي أوردها إمامه، وتكلمنا على معناها، وبينا أن الأمر بخلاف ما ذهب إليه واعتمد عليه،


(١) القائل هو فقيه الخارقة.