[اعتراض الفقيه على ذكر فضائل علي (ع) وعدم ذكر فضائل أبي بكر]
  شيء منها رفضها رفض الصارف(١)، وعد من خالفه في ذلك غير مخالف، فما هذا إنصاف، بل اعتماد على المعاندة والخلاف، هيهات لو سلك هذه الطريقة لكان له إما أن يترك مذهبه ويرجع إلى مذهبنا، أو ينقطع عن الجواب على الحقيقة، فقد بان الوجه الذي أنكره القدري والله المستعان».
  فالجواب: أنه جحد أولاً أن يكون قائلاً بما حكاه عنه، ثم رجع إليه مع زيادة مقدمة له من كلامه، وهذا لا يمنع من صحة الحكاية، إذا قصد ما يتعلق به الخلاف، ويترك ما عداه، فلو قصد المعنى وتغيرت العبارة، لم يكن كاذباً في حكايته.
  وأما نقده حيث لم نذكر فضائل أبي بكر عند ذكر فضائل علي # لترجيح الفضائل.
  فالجواب: أنه ما كان القصد في هذا الموضع إلا بيان ما يدل على إمامة علي #، وأنه أولى بذلك المقام، وذلك يتم إذا قامت الدلالة عليه، سواء كانت هناك فضائل لأبي بكر كثيرة أو قليلة، فلا تعلق لها بذلك؛ لأن المعتمد على دلالة الإمامة، فأين ما ثبتت قيل بها لا غير.
  ولأن تقدم أبي بكر على علي # وهو المنصوص عليه، وأَجْمعُ الناس بعد النبي ÷ لكل فضيلة - مما يتبين لأهل العقول، وسنبين ذلك عندنا معصيةٌ(٢)، ولسنا نأمن - وإن لم نقطع - أنها تكون كبيرة، فكيف نأمن أن نروي فضائله التي لا نأمن زوال حكمها؟
  والفقيه لا يعتقد عصمة أبي بكر؛ لأنه ذكر في رسالته أن العصمة لا تكون إلا للأنبياء $، فلم نأمن أن يكون حكم فضائله قد بطل، وإن كنا نجوز بقاءها، ومن شك في شيء وقف عنه، وهذه نواميس(٣) لا تفيد مما وقع من التفنيد.
(١) الصارف: الرَّاد.
(٢) بالرفع: خبر (أنَّ) في (ولأن تقدم أبي بكر).
(٣) الناموس: صاحب سر الرجل والذي يطلعه دون غيره على باطن أمره، وجبريل، والوصي، والحاذق، وبيت الصائد يستتر فيه عن الصيد، وبيت الراهب، ومأوى الأسد. تمت معجم.