[بحث حول قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله ...} الآية]
  ينقضه بقوله [أي فقيه الخارقة]: إن غيره أفضل منه # وأولى بالإمامة منه، وعلى أن تأويله(١) هذا لا يمنع من دلالة الآية على الإمامة، فيجمع بينهما بأبلغ الوجوه.
  والجواب(٢) والله الموفق: أنا نقول: أما ما ذكر أن الإمام لم يُغفل ذلك، ثم ذكر بعد هذا إن صح ما حكاه، وأنه لم يسقط من يد الناسخ، فهو بيّن ظاهر في أول الآية، فهذا هو التلبيس، وغاية التدليس؛ لأنه لو صح ذكر الإمام له، وأَني أغفلته؛ لذكره هذا الرجل وبينه، ليعلم صدقه من كذبه، فلما لم يذكره هاهنا دل على أن إمامه لم يذكره ولا علمه، أفلا ترى أن هذا الكلام ينقض بعضه بعضاً».
  والجواب: أن الفقيه عجل في أمر كانت له فيه أناة؛ لأنه قد وقع في الجواب ما يغني بقوله(٣): إما أن يكون الإمام قد ذكره وسقط عن الناسخ، وإما أن يكون أحال على ما يعهد ممن يستدل عليه بمكالمة من له معرفة، فإنه يذكر ما يحتاج إليه بلفظه أو فحواه، أو يعده غير مجهول للسائل فيقصره على علمه.
  ولو وجب استقصاء كل ما يتعلق بكل مسألة، وجميع ما ينبني عليه، لاتسع الكلام، وتداخلت المسائل، وخرج المتكلم من مسألة إلى مسائل أخر، ولكن عمل الفقيه على الانتقاد بما لا ينقده إلا جاهل بمكالمة العلماء، ومع ذلك صدف عن ذكر الدلالة، وما تعرض لشيء من أركانها إلا بما ذكره هاهنا، مما لا تعلق له فيه، ولا فيه طائل فائدة.
  قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: إن أصل الآية يقتضي ما رامه # من إثبات الإمامة كما ذكر، ولم(٤) يذكر عليه دليلاً».
  فالجواب: أنه قد ذكر ما لا خفاء به، لكن قد اعتمد الفقيه على أن ما خالف
(١) الضمير يعود على فقيه الخارقة.
(٢) الجواب لفقيه الخارقة.
(٣) أي محيي الدين، وحكى الإمام قول الشيخ محيي الدين بالمعنى وليس باللفظ ثم أضاف على ذلك.
(٤) بداية كلام فقيه الخارقة.